للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرضها في الكراء، ولهذا اعترض عليه ابن عبد السلام، وقال: قوله فيما اكترى صحيح، وأما فيما اشترى فليس كذلك؛ لأنه قدم أن غلة ما اشترى للتجارة المشهورة أنه كفائدة، فأشار إلى التناقض في كلامه.

واختلف هل يشترط مع ذلك أن يكون البذر مشترى للتجارة؟ طريقان: ذهب إلى الاشتراط ابن شبلون وغير واحد من القرويين، ورأوا أنه متى ما دخل فصل من فصول القنية بقي حكمها في الزرع على حكم الفائدة؛ إذ الأصل في الغلات الاستقبال. وذهب أبو عمران إلى عدم الاشتراط. وظاهر كلام المصنف نفي الاشتراط، وكذلك هو ظاهر المدونة؛ لأن كلامه فيها مثل كلام المصنف. وصوب بعضهم ما ذهب إليه ابن شبلون. قال في التنبيهات بعد ذكر الطريقين: والمسألة إنما هي إذا كانت الأرض مكتراة للتجارة، وهو معنى مسألة المدونة على مذهب ابن القاسم، وأما على مذهب أشهب فعلى كل وجه من وجوه المسألة، الزرع غلة لا يزكى ثمنه حتى يستقبل به حولاً، قاله في المجموعة.

إذا اكترها للتجارة واشترى قمحاً فزرعه فيها للتجارة وزكى الحب ثم باعه لحول أو أحوال، فلا يزكيه وليأتنف حولاً من يوم يقبضه مديراً كان أو غير مدير، وهذا على أصله في غلة ما اكترى للتجارة، وهو قول ابن نافع في المبسوط. كما قال أشهب: في الزرع سواء. وإليه ذهب سحنون فيما حكاه عنه فضل بن مسلمة، وإن كان الباجي وغيره قالوا: إذا اجتمعت الوجوه الثلاثة للتجارة، اكترى الأرض، واشترى الحب، والزراعة، فلا خلاف أنه يزكي الحب على التجارة، ولم يبلغ قائل هذا قول أشهب. انتهى.

ويمكن أن يوجه كلام المصنف لو ساعدته الأنقال بأن يقال: غلة ما اشترى للتجارة قسمان: قسم لا يضم مع الشراء للتجارة: إخراج مال كغلة دون التجارة، فإن غلتها نشأت عن غير مال فصدق عليها أنها نماء عن المال من غير معاوضة به. وقسم يضم مع الشراء: إخراج مال وعمل وهو الزرع، إذ لابد أن يشتري بذراً ويعمل فيها فأشبه الربح؛ لأن غلتها كأنها نماء عن المال بعد المعاوضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>