القسم الثاني: نفقة الزوجة؛ وهي تسقط مطلقاً قضي بها أم لا؛ لأنها عوض عن الاستمتاع. وأيضاً فإن نفقة الزوجة إذا عجز الزوج طلقت نفسها عليه إذا شاءت بخلاف الولد والأب.
القسم الثالث: نفقة الأبوين- وهي عكس نفقة الولد- إن لم يقض بها لم تسقط اتفاقاً، وإن قضي بها فمذهب المدونة أنها لا تسقط. وقال أشهب: تسقط ابن أبي زيد: ومعنى قول ابن القاسم أن الأبوين أنفقوا من عند أنفسهم، وأما لو أنفقوا واستسلفوا ليرجعوا عليه، لكان ديناً من الديون. وقال ابن محرز: معنى ما في المدونة أن نفقة الوالدين لا تسقط الزكاة إذا كانت بغير قضية أو بقضية وأنفقا بسؤال أو عمل، وأما لو قضي لهما، فقاما بما قضي لهما به عند الحول، لأسقط ذلك الزكاة. قال: وهذا معنى ما عند ابن المواز. انتهى.
وقال أبو عمران: معنى ما في الكتاب أنهما لم يقوما بطلبها عند القاضي وأنفقا على أنفسهما من مال وهب لهما أو تحيلا فيه، ولو كانا استلفاه لسقطت به الزكاة. انتهى.
وهذه مخالفة لما قال ابن أبي زيد في التحيل، وإنما كانت نفقة الوالدين أخف من نفقة الولد؛ لأن الوالد يسامح ولده أكثر من مسامحة الولد لوالديه. وفرق في المدونة بفرق آخر، فقال: لأن نفقة الأبناء لم تسقط عن الأب المليء مذ كانوا حتى يبلغوا، ونفقة الأبوين كانت ساقة عنه، وإنما تلزمه بالقضاء.
أي: اختلف في الدين الذي جرت العادة بتأخيره إلى موت أو فراق، كمهر الزوجة ودينها في بعض الأحوال، والمشهور الإسقاط، ومقابله لابن حبيب. كذا نقل ابن شاس وابن رشد، وما شهراه هو مذهب المدونة. وقال ابن بزيزة: المشهور أن المشهر غير مسقط اعتباراً بالعادة، من حيث أنها لا تطلبه غالباً إلا وقت المشاحة أو الموت، ولأنها ليست عوضاً محققاً، وفيه نظر؛ لمخالفة ما شهره في المدونة.