فبحساب ذلك وإن قل. ورأى بعض أشياخ ابن عبد السلام: أن ذلك اختلاف حقيقة وأن الإمكان في الأول هو أن الزائد يمكن قسمته إلى جزء الزكاة. وفي الثاني: لا يشترط ذلك، بل إن لم تمكن قسمته اشترى به طعاماً أو غيره مما تمكن قسمته على أربعين جزءاً. والظاهر أنهما بمعنى واحد. والله أعلم.
يعني: أنه اختلف هل يخرج عن الورق ذهباً أو بالعكس على ثلاثة أقوال، وتصورها ظاهر. وظاهر كلامه [١٢٨/ ب] أن الخلاف في الجواز والمنع، وكذلك نقل ابن بشير، وبنى الأولين على أنه هل هو من باب إخراج القيمة فيمنع، أو لا فيجوز. ورأى في الثالث أن الورق أيسر على الفقير بخلاف العكس. ومذهب المدونة- وهو المشهور-: الجواز.
ابن راشد: والمنع مطلقاً لم أقف عليه في المذهب.
والذي حكاه الباجي وغيره: أن الجواوز لمالك، والتفصيل لسحنون، وابن لبابة. قال سحنون: إخراج الورق عن الذهب أجوز من العكس.
وقال ابن محرز: لم يختلف علماؤنا في إخراج الدراهم عن الدنانير، ولم يروه من شراء الصدقة. واختلف في إخراج الذهب عن الورق، فأجازه مالك. وذكر عن ابن مزين، وابن كنانة أنهما كرها ذلك. انتهى.
وعلى هذا فالخلاف إنما هو في الكراهة، ألا ترى قول سحنون: إخراج الورق عن الذهب أجوز، فحكم بالاشتراك في الجواز.
وقوله:(بِخِلافِ الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ) أي: فلا يجوز إخراج أحدهما عن الورق ولا عن الذهب؛ لأنه من باب إخراج القيمة، ولا يجوز إخراجهما ابتداء، كما سيأتي.