المعنى؟ أجاب بأن المصوغ لصاحبه كسره وإعطاء الجزء الواجب بعد الكسر فلم يكن للفقير [١٢٩/ أ] حق في الصياغة، بخلاف السكة؛ إذ ليس له كسرها فلم يأخذ الفقير مثل ما فاته بل دونه.
يعني: إذا فرعنا على المشهور من إلغاء الصياغة فيما إذا أخرج ذهباً مكسوراً عن مصوغ وأراد أن يخرج ورقاً، فهل لا بد حينئذ من إخراج قيمة الصياغة، وإليه ذهب ابن الكاتب. أو إنما له أن يخرج قيمة الجزء الواجب عليه غير مصوغ، كما له أن يخرجه مكسوراً، وإليه ذهب أبو عمران. ومنشأهما ما ذكره المصنف بقوله:(بنَاءً ..) إلخ. أي: أن ابن الكاتب ومن قال بقوله قاسوا المسألة على حكم جزاء الصيد؛ إذ المكلف مخير فيه بين أن يخرج المثل من النعم أو الطعام، فإذا اختار المثل أخرجه، وإن اختار إخراج الطعام فإنه يقوم الأصل لا المثل، فكذلك هذا يخير بين أن يخرج قطعة ذهب أو القيمة دراهم، فإن أخرج قطعة ذهب أجزأه، وإن أخرج القيمة رجع إلى الأصل وأخرج قيمة المصوغ.
ورأى أبو عمران ومن قال بقوله: أنه لما ثبت أنه لا حق للفقراء في الصياغة بدليل إخراج ذلك الجزء غير المصوغ، وجب ألا تراعى قيمتها. قال ابن بشير: وهو أقيس. ورد القياس المذكور بالفرق، فإن الطعام والمثل من النعم بدلان عن الصيد فخير فيهما، فلا يقوم أحدهما بصاحبه، بل بالصيد الذي هما بدل عنه، بخلاف الفضة مع الذهب، فإن الذهب إذا خرج عن الذهب صار المخرج كأنه عين الواجب، إذ قد ثبت أنه لا حق للفقراء في الصياغة، فإذا أخرجت القيمة وجب أن يقوم غير المصوغ.