القول الثاني: أنه للمالكين وهم إما مسلمون؛ أي: الجيش الذين افتتحوا الأرض إن كانوا موجودين، أو لورثتهم إن ماتوا. وإما غير مسلمين، وهم المصالحون عن أرضهم أو ورثتهم.
والقول الثالث: وهو المشهور أن النظر للإمام في أرض العنوة، وأن النظر في أرض الصالحين.
وقوله:(لِلإِمَامِ) هو القول الأول. وقوله:(وَلِلْجَيْشِ ثُمَّ لِوَرَثَتِهِمْ، أَوْ لِلْمُصَالِحِينَ ثُمَّ لِوَرَثَتِهِمْ) هو القول الثاني. وقوله:(وَالْمَشْهُورُ) هو القول الثالث.
ومنشأ الخلاف بين الأولين هو ما علم، هل مالك ظاهر الأرض لا يملك باطنها أو يملك؟ وما شهره المصنف هو قول ابن القاسم في المدونة.
خليل: ويناقش المصنف في حكاية الخلاف في أرض العنوة؛ إذ لا خلاف أن النظر فيها للإمام يقطعها لمن رآه. حكى الاتفاق ابن يونس وغيره. وكذلك حكى ابن يونس الاتفاق على ما ظهر من المعادن في أرض الحرب أن النظر فيه للإمام.
وعلى هذا فحاصل المسألة: أن ما حكاه المصنف من الخلاف في أرض الصلح صحيح على كلام الباجي ولا يصح على كلام ابن زرقون، وأما ما حكاه من الخلاف في أرض العنوة فغير صحيح، وإن كان ابن رشد قرره على ظاهره.
وحكى في المقدمات- بعد أن قرر أن الموجود في أرض الصلح لأهل الصلح- قولين: أحدهما: أن أهل الصلح إذا أسلموا رجع النظر في ذلك للإمام، قال: وهو مذهب المدونة. والثاني: أنه يبقى لهم ولا يرجع للإمام، وهو مذهب سحنون. فإن قلت: ما معنى قولكم: إن المالك غير معين مع الحكم لورثتهم، والوارث لابد أن يكون موروثه معيناً؟ فالجواب: أن المراد بعدم التعيين كونه ليس لشخص ولا لأشخاص قليلين، بل لجماعة