قال: إنما اختلف قول ابن القاسم في عيب يوجب له الخيار في أخذ العين أو القيمة، فتارة جعل المأخوذ عوضاً عن القيمة، وتارة جعله عوضاً عن العين، وأما لو ذهبت العين حتى لا تكون له إلا القيمة، فلا يختلف قوله أنه لا زكاة فيها. وعلى هذا فيتحصل في المسألة طريقان:
الأولى: أن قول ابن القاسم: اختلف في ذلك سواء ذهبت العين أم لا، وهي طريقة الشيخ أبي محمد وسحنون.
والثانية: طريقة حمديس، وقال في المقدمات: اختلف قول ابن القاسم إذا استهلك الرجل غنماً فأخذ منه غنماً تجب فيها الزكاة. فمرة قال: يزكيها على حول المستهلكة، ومرة قال: يستقبل بها حولاً. واختلاف قوله هذا إنما يصح إذا كانت قد فاتت بالاستهلاك فوتاً لا يوجب له تضمينه القيمة فيها، وأما إذا فاتت أعيانها، فلا خلاف أنه يستقبل بالغنم المأخوذة. قال: ولو كانت قائمة بيد الغاصب لم تفت بوجه من وجوه الفوت، لزكاها على حول الأولى بغير اختلاف أيضاً؛ لأن ذلك كالمبادلة. انتهى. أي: بغير اختلاف من قول ابن القاسم.
قال في النكت- بعد أن ذكر ما ذكره حمديس-: وهذا إن ثبت الاستهلاك ببينة، وإن لم يثبت ذلك فيزكي الغنم التي أخذ؛ لأنه يتهم أن يكون إنما باع غنماً بغنم.
وَأَخْذُ الْعَيْنِ كَالْمُبَادَلَةِ بِاتِّفَاقٍ
أي: فإن أخذ عيناً عن الماشية المستهلكة، فإنه يكون كما لو أبدل ماشية بعين، فيبني على قول ابن القاسم، ولا يبني على قول أشهب.
وقوله:(بِاتِّفَاقٍ) أي: أن الشيوخ اتفقوا على إجراء خلاف قول ابن القاسم وأشهب فيهما، ولولا الاتفاق لأمكن أن يقال: إن المبادلة أمر اختياري يوجب تهمة