الساعي منها شاتين روايتان: إحداهما: أن على كل واحد شاة. والثانية: أن الشاتين بينهما على أربعة عشر جزءاً، [١٣٨/ أ] على صاحب الخمسة خمسة أجزاء، وعلى صاحب التسعة تسعة أجزاء. والأولى أن يقال هنا: على صاحب التسعة ثلاثة أخماس، وعلى صاحب الستة خمسان؛ لأنه كلما أمكنت القسمة من عدد أقل كان أولى. ولكن ابن الجلاب فعل ما ذكرناه أولاً فاتبعناه تبركاً به. والرواية الثانية هي التي رجع إليها مالك بناء على أن الأوقاص مزكاة، وهي التي ذكر المصنف أنها المشهور، والأولى مبنية على أن الأوقاص غير مزكاة.
يعني: إذا أخذ الساعي من أحدهما وثبت لأحدهما الرجوع، فهل ينظر إلى قيمة ما أخذه الساعي يوم أخذه وهو قول ابن القاسم، أو يوم الوفاء وهو قول أشهب؟ والأول: بناء على أن الرجوع عليه كالمستهلك لنصيب خليطه، والقيمة إنما تؤخذ في الاستهلاك يوم التعدي. والثاني: بناء على أن المرجوع عليه كالمستسلف لنصيب خليطه. وإذا تسلف الإنسان شاة تساوي عشرين، ثم صارت تساوي عشرة، فليس له إلا شاة تساوي عشرة. وإلحاقه بالمستهلك أظهر؛ للأخذ كرهاً. وقد يقال: لما خالط غيره، فقد دخل على ذلك. ولعل هذا الوجه هو وجه القولين في الرد إلى هذين الأصلين، وإنما لم يجعله المصنف في القول الأول مستهلكاً حقيقة؛ لأنه لم يباشر ولم يأمر.