وقوله:(إِلا أَنْ يُدْخِلَ الْجَمِيعَ بَيْتَهُ) ظاهر التصور. ولنذكر كلامه في التهذيب فإنه أتم فائدة، قال فيه: ومن جذ ثمره أوحصد زرعه وفيه ما تجب فيه الزكاة فلم يدخله بيته حتى ضاع من الأندر أو الجرين، لم يضمن زكاته. وكذلك لو عزل عشره في أندره أو جرينه ليفرقه فضاع بغير تفريط فلا شيء عليه. وإن أدخل كله بيته قبل قدوم المصدق فضاع ضمن زكاته. قال مالك: وكذلك لو عزل عشره حتى يأتيه المصدق ضمنه؛ لأنه قد أدخله بيته. وقال ابن القاسم: إذا أخرجه وأشهد عليه فتأخر عنه المصدق لم يضمن. وبلغني أن مالكاً قال في ذلك: إذا لم يفرط في الحبوب لم يضمن. وقال المخزومي: إذا عزله أو حبسه المصدق فتلف بغير سببه فلا شيء عليه؛ إذ ليس عليه أكثر مما صنع، وليس عليه دفعه. انتهى.
قال في التنبيهات: واختلف المتأولون والشارحون في تحقيق مذهب مالك في المسألة وصحيح قوله فيها؛ لأنه قال مرة: هو ضامن إذا أدخله منزله، ومرة قال: إذا أخرج زكاته قبل أن يأتيه المصدق فضاعت فهو ضامن. وقال في المال: إذا لم يفرط لم يضمن، ثم قال: إذا لم يفرط في الحبوب لم يضمن. فذهب بعض شيوخ القرويين إلا أنه يحتمل ألا يكون خلافاً، وأن الرواية المطلبة بالضمان ترد إلى المقيدة بإدخاله بيته، وأن ابن القاسم بزيادته الإشهاد غير مخالف له؛ إذ يحتمل أن يشهد ليسقط عنه الضمان ثم يأكله، وأن مقتضى قول ابن القاسم بالإشهاد سواء ضاع في الأندر أو بعد إدخاله بيته، وأن مالكاً سوى بين أن يشهد أو لم يشهد. والمخزومي يبرئه وإن لم يشهد، وإلى نحو هذا المأخذ ذهب أبو عمران. وحمله غيره من الأنلدسيين على أن قولي مالك مختلفان؛ أحدهما: على الإطلاق ومتى لم يفرط لم يضمن، أدخل ذلك منزله أم لا، أشهد أم لا كالدنانير. والآخر: يضمن متى أدخله منزله أشهد أم لا. وقول المخزومي موافق للأول. وقول ابن القاسم مخالف للقولين معاً ويشترط الإشهاد، وسواء ضاع عنده كله أو العشر لا ضمان عليه وإن أدخله