المسكين لا يسأل الفقير يسأل، روااه المغيرة عن مالك. وقيل: إنما يمتازان بأن المسكين لا يعلم به بخلاف الفقير. وهي أقوال متقاربة؛ لأن عدم السؤال والعلم مظنة الحاجة.
أي: يشترط في الفقير والمسكين ثلاثة شروط: أن يكون حراً، فإن أعطى عبداً، أو أم ولد، أو مدبراً، أو معتقاً إلى أجل، أو معتقاً بعضه لم يجزئ إذا كان عالماً؛ لأنهم في معنى الموسر؛ لأن نفقتهم على من له الرق فيهم، فإن عجز عن الإنفاق عليهم بيع هذا وعجل عتق الآخر، قاله اللخمي.
الثاني: أن يكون مسلماً. الثالث: ألا تجب نفقته على مليء وسواء كان اللزوم للمزكي أو غيره، وهذا هو المعروف. وقال ابن زرقون: أخبرني الفقيه أبو الفضل عياض- رحمه الله- أن أبا خارجة عنبسة بن خارجة روى عن مالك جواز إعطاء الرجل زكاته لمن تلزمه نفقته، قال: وأظنه روى ذلك عن شيخه أبي عبد الله بن عيسى فإني رأيته بخط بعض أصحابه عنه.
ابن عبد السلام: ورأيت بخط الشيخ الصالح أبي العباس أحمد بن عجلان- رحمه الله- على هذا الموضع على كلام ابن زرقون ما معناه: أنه عارض هذا النقل بما نقله عياض في "الإكمال" من أنهم أجمعوا على أنه لا يدفعها إلى والديه وولده في حال يلزمه الإنفاق عليهم، ثم جمع الشيخ أبو العباس المذكور بين نقلي عياض بحمل رواية عنبسة على أن ذلك في حال لا تلزمه نفقتهم، ويرى أن فقر الأب ومن في معناه له حالان: الحال الأول: أنه يضيق حاله ويحتاج، لكن لا يشتد عليه ذلك، فهذا يجوز إعطاؤه من الزكاة ولا تلزمه نفقته، بل تبقى ساقطة عن ابنه كما كانت قبل ضيق حاله. والحالة الثانية: أن يشتد ضيق حاله ويصل في فقره إلى الغاية، وهذا يجب على ابنه أن ينفق عليه، ولا يجوز لابنه أن يدفع زكاته إليه. والله أعلم. انتهى كلام ابن عبد السلام.