أي: وعلى القول بعدم اشتراط انتفاء ملك النصاب لا يعطى نصاباً، وعلى المشهور يعطى، وفي هذا البناء نظر؛ لأنه لا يلزم على القول بانتفاء النصاب ألا يعطى الفقير المحتاج نصاباً؛ لأن الفقر قائم به هنا، بخلاف المسألة الأولى، وأشار إليه ابن راشد، وابن هارون. ويدل على صحة هذا: أن التونسي تردد فيمن أعطى نصاباً من الماشية إلا أنه لا يكفيه لجميع السنة لرخص الماشية، هل يجوز له أن يعطى بعد ذلك ما يكفيه لسنته أم لا، إذا كان لا يدخل عليه في بقية سنته شيئ؟ قال: وأما إعطاؤه في مرة واحدة ما يكفيه لجميع السنة إذا لم يدخل عليه فيها شيء، فهو خفيف ولو كان أكثر من النصاب.
إذ لو اشترط فيهم الفقر لرجعوا إلى الصنفين المتقدمين. قوله:(ويَاخُذُ الْفَقِيرُ بِالْجِهَتَيْنِ) أي: بجهة فقره وبجهة عمله، كما يرث ابن العم إذا كان زوجاً بالجهتين.
ابن عبد السلام: وفي المذهب قول آخر: أنه إنما يأخذ بأكثر الوجهين، فإن كان الذي يستحقه بعمالته أكثر أخذه فقط. انتهى. وما ذكره المصنف من تفسير العاملين بالجباة والمفرقين هو المشهور. وروي عن مالك: أن العاملين هم سقاتها ورعاتها. وهل يجوز أن يستعمل العبد والنصراني؟ فقال محمد: لا يستعملان، إذ لا حق لهم في الزكاة، فإن استعمل استرجع منهما ما أخذاه وأعطيا أجرتهما من الفيء، وأجاز ذلك أحمد بن نصر قياساً على الغني، وعضد بما قاله ابن عبد الحكم: يعطى النصراني الجاسوس منها.
يعني: أنه اختلف في المؤلفة قلوبهم على ثلاثة أقوال: قيل إنهم كفار يألفون بالعطاء ليدخلوا في الإسلام. وقيل: إنهم مسلمون حديثو عهد بالإسلام فيعطون ليتمكن من