وهذا التقسيمُ ظاهرٌ في المأمومِ والإمامِ؛ لأنه إذا استخلّف صار حكمُه حكمَ المأموم، وأما الفَذُّ فيُتِمُّ مكانَه مِن غيرِ رجوعٍ.
فإن كانت الجمعة فإنْ ظن بقاءَ الإمام رَجَعَ، وإن لم يَظُنَّ بقاءَه فقال المصنف: رَجَع على الْمَشْهُورِ إلى آخره. أي: أن الْمَشْهُورِ يرى أن رجوعه إلى الجامع شرطٌ في صحة الجمعة، وإن لم يرجع بطلتْ. ولا يُمكن حملُه على ما يُفهم مِن كلامه أنه يَرجع مطلقاً إن أمكن أو لم يمكن؛ إذ لا يمكن أن يُقال بالرجوع مع عدمِ الإمكانِ.
والقول الثاني: لا يرجعُ– كغيرها– ويُتِمُّ بموضِعه. وهذا القول حكاه الشوشاوي وابن شاس، وعزاه بعضُهم لابن عبد الحكم، وخرَّجه ابنُ يونس مِن قول أشهب في هروب الناس عن الإمام بعدَ عقدِ ركعةٍ أنه يُضيف إليها أُخرى، وتجزئه جمعته. قال: لأن الجماعةَ أحد [١٤ / ب] شروطها كالمسجد.
والقول الثالث نقله اللخمي وابن يونس عن المغيرة، أنه إذا رَعَفَ بعدَ تمامِ ركعةٍ من الجمعةِ فحال بينه وبين المسجد وادٍ فليُضِفْ إليها أُخرى، ثم يُصلي أربعاً. لكن لا يُؤخذ من كلام المصنف أنه يُصلي أربعاً. قال في البيان: ومن أصحابنا من قال: إنه يُتِمُّ صلاتهَ في أقربِ المساجدِ إليهِ.
فرع:
وإذا قلنا إنه لا بد أن يرجع، فهل لا بُدَّ له أن يَرجع إلى نفس الجامع؟ وهو الْمَشْهُورِ، أو إلى أقربِ موضعٍ تُصلى فيه الجمعة؟ وهو قول ابن شعبان. قال: وإنْ أَتَمَّ في موضعه لم أرَ عليه الإعادة.
قال المازري: فأشار إلى أنَّ الرجوعَ إلى الجامع فضيلةٌ. ويُمكن أن يكون هذا مراد المصنف في القول الثاني، وفيه بُعْدٌ.