وقوله:(وَقِيلَ: إِنْ كَانَ بِمَرَضِ) هو لابن الماجشون.
ابن يونس: وقال ابن الماجشون: الإغماء الذي يفسد به الصوم من يغمى عليه قبل الفجر ويفيق بعده، وإنما ذلك إذا تقدمه مرض أو كان بإثره متصلاً، فأما ما قل من الإغماء ولم يكن بمرض فكالنوم، فلو طلع عليه الفجر ثم تخلى عنه فإنه يجزيه صومه، وعلى هذا ففي كلامه نظر؛ لأن ابن الماجشون لا يشترط في إيجاب القضاء أن يكون كل النهار، كما يؤخذ من كلامه، وإنما يشترط أن يكون قبل الفجر ثم يدوم إلى بعد طلوعه، وقد نقل ابن يونس وغيره عن ابن الماجشون: أنه إذا أغمي عليه بعد الفجر وأفاق قبل الغروب أن صومه صحيح.
وقد نقل ابن عطاء الله الاتفاق على أنه إذا أغمي عليه جميع النهار أن ذكل كالجنون وإن كان في أقله، فإن كان في أوله، أي: عند طلوع الفجر سالماً فكالنوم، لا قضاء عليه.
وحكى ابن بشير وابن عطاء الله على ذلك الاتفاق، وفيه نظر، وقد حكى بن يونس عن ابن عبد الحكم أنه يقول: القليل من الإغماء والكثير سواء وعليه القضاء. وحكاه القاضي عبد الوهاب في الإشراف عن القاضي إسماعيل، والقاضي أبي الحسن، ورأى هؤلاء الإغماء كالحيض.
قوله:(وَإِلا) أي: وإن كان في أقله وأوله غير سالم فقولان: أشهرهما أن الصوم لا يصح لمقارنة الإغماء لوقت النية، وهو مذهب المدونة، زاد ابن حبيب: ولا يؤمر بالكف عن الأكل بقية نهاره. وفي سماع أشهب: الإجزاء نظراً إلى القلة.
قوله:(وَفِي النِّصْفِ وَالْجُلِّ: قَوْلانِ) أي: مع سلامة أوله، ومذهب المدونة الإجزاء في النصف وعدم الإجزاء في الجل. وقال ابن حبيب: إن أغمي عليه النصف لم يجزه، وقاله ابن القاسم في الواضحة، وقال ابن وهب: في الجل يجزيه. وهو الذي يؤخذ من كلام أشهب؛ فإنه قال في المدونة بعد قوله فيها بعدم الإجزاء: هذا استحسان ولو اجتزى به ما عنف.