المصنف، وللباجي طريقة ثالثة؛ لأنه قال: وأما آخر أيام التشريق فيصومه من نذره بلا خلاف، وأما من نذر صوم ذي الحجة، فقال ابن القاسم: يصومه.
وقال ابن الماجشون: أحبُّ إلي أن يفطر ويقضيه، ولا أوجبه. وأما من نذر صوم عام معين، ففي المختصر لمالك لا يصوم الرابع. وفي المدونة ما يدل على أنه يصومه. انتهى.
وانظر: لمّ ألزم هنا بالنذر في الأيام الثلاثة على أحد الأقوال مع أن القاعدة: أن النذر لا يلزم في المكروه؟ وهذا السؤال وارد على المشهور الذي ألزمه اليوم الثالث بالنذر مع أن صيامه مكروه.
ويمكن أن يجاب عن المشهور بأن في صوم هذا اليوم جهتين: إحداهما أنه يوم ليس هو يوم عيد ولا يوم نحر عند مالك ولا يرمي المتعجل فيه الجمار.
وهذا الجهة تضعف أن يكون من أيام التشريق التي ورد النهي عن صيامها.
والثانية: أنه يوم ذبح عند بعضهم، ويطلق عليه اسم أيام التشريق، ويرمي فيه من لم يتعجل. وهو من هذه الجهة، يشمله عموم النهي عن صيام أيام التشريق فغلبنا الجهة الأولى لما أن اقتضى النذر وجوب صيامه إما تعيناً أو تبعاً لأن الوجوب مرجح على شائبة الكراهة احتياطاً لبراءة الذمة، ولما لم يعارض الكراهة ما هو أقوى منها غلبنا عليه الشائبة الأخرى، فقلنا: لا يصام تطوعاً. ولا يقال: إن اعتبار الجهتين من أصله باطل؛ لأن حديث زمعة دليل واضح على صحة القول به.
تصور المسألة واضح والثلاثة الأقوال كلها لابن القاسم، والأولان لمالك. فوجه القول بأنه يجزيه عن القضاء ما رواه البخاري ومسلم: من قول صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما للكل امرئ ما نوى". ووجه عكسه كون رمضان لا يقبل غيره. وأما