وكره مالك في آخر قوليه أن يعتكف حتى يكون له من يكفيه ذلك أو يعدّ ما يكفيه. ولا يعتكف إلا من كان مكتفياً حتى لا يخرج إلا لحاجة الإنسان. وأول قوليه في المدونة الجواز، قال فيها: ولا يمكث بعد قضاء حاجته شيئاً. قال ابن القاسم في العتبية: ويخرج المعتكف لعيادة أبويه إذا مرضا ويتبدئ اعتكافه. ورأى ذلك واجب عليه لبرهما قال: ولا يخرج لجنازتهما.
وفرّق الباجي بينهما بأنهما في الحياة يرضيان بزيارته ويسخطان بتركها.
سند: وفيما قاله نظر، فإن ذلك من حقوقهما. قال: ويلزمه إذا مات أحدهما فإن عدم خروجه يسخط الآخر.
وقوله:(وَلَوْ بَعْدُ) يعني إذا لم يجد إلا ذلك ولو وجد الأقرب ثم تعداه فذلك مكروه أو مفسد.
أي: فلا يخرج لهذه لما يلزم من فوات شرطه، وهو المسجد من غير ضرورة.
وفي الموطأ: عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي. وقوله:(فَإِنْ كَانَ في الْمَسْجِدِ) .. إلى آخره، كره مالك في المدونة الصلاة على الجنائز وإن انتهى إليه زحام المصلين عليها، قال فيها: ولا يعود مريضاً معه في المسجد إلا أن يصلي إلى جنبه فلا بأس أن يسلم عليه، ولا يقوم ليعزي ولا ليهني.
والقول بالجواز لعبد الوهاب في المعونة والتلقين. ففي التلقين: ولا يتصدر للإقراء ولا لتدريس العلم ولا يمشي لعيادة مريض أو صلاة على جنازة إلا أن يقرب ذلك من موضعه أو يسأل في قليل من العلم. انتهى بمعناه.