للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقل عبد الحق عن بعض شيوخه: أنه يعتبر في الاستطاعة وجود الماء في كل منهل؛ لأنه لو كُلِّفَ بنقل الماء لشَقَ عليه ذلك.

وهل المعتبر ما يوصل فقط أو يرجع؟ نص عليه اللخمي- وهو ظاهر الرسالة-: أن المعتبر ما يوصل فقط. اللخمي: إلا أن يعلم أنه إن بقي هناك ضاع وخشي على نفسه، فيراعي ما يبلغه ويرجع به إلى أقرب المواضع مما يمكنه التمعش فيه.

ونقل ابن المعلي عن بعض المتأخرين من أصحابنا اعتبار الذهاب والرجوع، وهو الذي قاله التلمساني؛ لأنه قال: إن قلنا إنه على التراخي اعتبر ما ينفقه ذاهباً وراجعاً وما ينفقه على الأقارب والزوجة، وإن قلنا إنه على الفور لم يعتبر ما ينفقه على الزوجة والأقارب، وهو مذهب الشافعي، وهو أظهر، إذ على الإنسان حرج عظيم في إلزامه المقام بغير بلده.

فَلِذَلِكَ تَخْتَلِفُ بِاِخْتِلافِ الأَشْخَاصِ وَالْمَسَافَاتِ، فَيَلْزَمُ الْقَادِرَ عَلَى الْمَشْيِ بِغَيْرِ رَاحِلَةٍ، والأَعْمَى بِقَائِدٍ مِثْلِهِ ...

أي: ولأجل أن المعتبر في الاستطاعة الإمكان غير المضر يختلف الحال باختلاف أحوال الناس فليس من لا يقدر على المشي ولا يكفيه القليل من المال كغيره، وليس القريب كالبعيد، ولا زمان الخصب كزمان الجدب؛ ولهذا جعل اللخمي الاستطاعة على أربعة أقسام: فإن لم تكن له صناعة في سفره، ولا قدرة له على المشي، اعتبر في حقه الزاد والراحلة، وإن كانت له صناعة يعيش بها في سفره وهو قادر على المشي لم يعتبر في حقه، وباقي التفسير واضح.

وقوله: (والأَعْمَى بقَائِدٍ مِثْلِهِ) أي: والأعمى إذا كان قادراً على المشي ووجد من يقوده مثل البصير في الوجوب، ولا إشكال في هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>