للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٧٠/ب] وقد سئل مالك، هل الاستطاعة الزاد والراحلة؟ فقال: لا، والله واحد يجد زاداً وراحلة ولا يقدر، وآخر يقدر أن يمشي راجلاً، ورب صغير أجلد من كبير ولا صيغة في هذا أبين مما قال الله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: ٩٧].

وَلا يُعْتَبَرُ بَقَاؤُهُ فَقِيراً، وَقِيلَ: مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى ضِيَاعِهِ أَوْ ضَيَاعٍ مَنْ يَقُوتُ

يعني: إذا كان معه ما يكفيه لسفره لكنه إن سار بقي فقيراً- لا شيء له ولا لأهله- فالمشهور الوجوب من غير نظر إلى ما يؤول أمره إليه، وأمر أهله؛ لأنه يصدق عليه أنه مستطيع، وهذا قول ابن القاسم في العتبية؛ لأنه سئل عن الرجل تكون له القرية ليس له غيرها، أيبيعها في حجة الإسلام ويترك ولده في الصدقة؟ قال: نعم ذلك عليه. وقيده في البيان بأن لا يخشى عليهم الهلاك، وأما لو خشي عليهم لقَدَّمَهُم قال: وهذا على أنه على الفور، وأما على التراخي، فلا شك في تقديم الولد. والشاذ أنه لا يلزمه للحرج، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت".

وذكر في البيان: أنه اختلف في الإنسان ليس عنده إلا ما يحج به أو يعطيه لزوجته نفقة، وإن خرج ولم يترك لها نفقة طلقت نفسها على قولين: فإن قلنا الحج على التراخي اعتبر ما ينفقه عليها. وإن قلنا على الفور كان أولى من النفقة؛ لأن نفقة الزوجة لم تتعين، فإن شاءت صبرت وإن شاءت فارقت، وكذلك ذكر التلمساني في الأقارب.

وسئل مالك- رحمه الله – عن الرجل العزب لا يكون عنده إلا ما يتزوج به أو يحج؟ قال: يحج. ولا شك في هذا القول بأنه على الفور.

ابن رشد: وعلى التراخي فالحج أولى، إن تزوج لم يفسخ وكان آثماً على الفور. وهذا كله ما لم يخش العنت، وإن خشي تزوج، قاله مالك في السليمانية. ولا يجوز أن يتزوج الأمة ليوفر المال للحج لوجود الطول.

<<  <  ج: ص:  >  >>