للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن بمعنى الانفعال، كقولك: عقد العسل وعقدت الثمرة، وانعقدت أيضا. فإذا أردت نقل هذا الفعل زدت في أوله الألف، وصيرته متعديا فقلت: أعقدت العسل، وأعقد الحر أو البرد أو الهواء الثمرة، أي صيره عاقدا. فأما عقدت الحبل، فإنه في الأصل متعد بغير نقل من شيء، وهو بمعنى شددت، وعلى وزنه وتعديه، تقول: عقدت الحبل والخيط والنكاح، والعهد والبيع واليمين، فانعقد، إذا شددته وأكدته. وقوله: معقد على القياس، وعقيد فعيل بمعنى مفعول. وهو يجوز في فعل وأفعل جميعا؛ لأنه للمبالغة. وإنما ذكر هذا؛ لأن العامة تقول: عقدت/ العسل، وليس ذلك بخطأ؛ لأن الأصل واحد، ولكن خرج مخرج عقدت الحبل وغيره، إذا شددته فاشتد.

وأما قوله: أصفدت الرجل، إذا أعطيته، فهو مصفد، وصفدته، وإذا شددته، فهو مصفود؛ فإن الأصل في ذلك الشد والتوكيد والوثيقة، وتسمى العطية: الصفد؛ لأنها تؤكد الحال، وتشد المودة وتؤكدها. ولذلك يسمى القيد: الصفد، لمثل ذلك المعنى.

قال النابعة في العطية:

هذا الثناء لأن بلغت معتبة ولم أعرض بيت اللعن بالصفد

أي بالعطية. وقال الله عز وجل في القيود: (مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ). يقال: صفدته، بغير ألف. وصفدتهم بالتشديد. وفي حديث النبي صلى الله عليه، في شهر رمضان: "وتصفد فيه الشياطين". فقيل في التقييد: صفدته بغير ألف، فهو مصفود، كما يقال: شددته فهو مشدود، وربطته فهو مربوط؛ لأنه في معناهما. وقيل في العطية: أصفدته، بالألف؛ لأنه في معنى أعطيته وأكرمته؛ ليفرق بين المعنيين، والألف لنقل الفعل ههنا أي جعلته ذا مال، وقال أمية بن أبي الصلت:

<<  <   >  >>