للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تضيفته ليلاً فأكرم مقعدي وأصفدني على الزمانة قائدا

وأما قوله: أفصح الأعجمي، وفصح اللحان، فمعناهما جميعا من الفصاحة، وهي البيان والإصابة في القول. ومنه قيل: أفصح اللبن، إذا خلص من الرغوة. فأما قوله: أفصح الأعجمي، فمعناه صار فصيحا بالعربية، بعد أن كان أعجميا، لا يحسنها؛ فلذلك جاء على أفعل، كما يقال: أثرى الرجل وأيسر، أي صار ذا مال ويسار.

وأما قوله: فصح اللحان فمعناه/ أنه حذق، في فصاحته وعربيته التي كان يحسنها. ولذلك جاء على فصح بضم الصاد في الماضي والمستقبل؛ لأنه فعل المبالغة في الحمد والذم، بمنزلة ظرف وكرم وحسن. ومصدره: الفصاحة أيضاً كذلك. واسم فاعله أيضا: فصيح، مثل ظريف وكريم؛ ولذلك اختلف الفعلان؛ لاختلاف المعنيين. وليس فصح مما عقد عليه أول الباب؛ لأنه مضموم الثاني، ولكنه في المعنى يشبه فعل، بغير ألف.

وأما قوله: لممت شعثه، ألمه وألممت به، إذا أتيته وزرته؛ فإن معنى لممته، كمعنى رممته، إذا أصلحته، وغيرت فساده؛ وهو تشعثه ولكنه استعمل بالراء في المنازل والضياع والثياب ونحوها. وباللام في الشعر والحال وغير ذلك. وأصل الشعث في الشعر، إذا اتسخ وقفر من الدهن والغسل، ولكنه قد استعير لسوء الحال في المال والنفس، والمسواك والوتد ونحو ذلك؛ فقيل: لممته، كما يقال: رممت الدار؛ لأنه في معناه، ولذلك قيل للجمة: اللمة، لأنها تلم، أي تصلح من الشعث والجميع: اللمم. ومنه قولهم في الدعاء: "اللهم المم شعثنا" أي أصلح أحوالنا. وقال الشاعر:

إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما

<<  <   >  >>