للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا شرب القيل، كما يقال: اصطبح واغتبق، على افتعل. وقالت الساجعة لولدها: "والله ما أرضعته غيلا، ولا حرمته قيلا". والقائلة والقيلولة من المصادر النادرة في الكلام. والعامة تقول في البيع: قلته قيلولة، وهو خطأ.

وأما قوله: أكننت الشيء، إذا أخفيته في نفسك وكننته؛ إذا سترته بشيء فأوصلهما/ واحد. وليس معنى كننته سترته، ألا ترى أنك إذا أسبلت سترا على بيت، أو قوم، لم تقل: كننتهم، ولو سترت وجهك عن شمس، أو ريح بيدك، أو ثوبك، لم تقل: كننت وجهي، وليس المكان الكنين بالمستور عن الأبصار. وإنما ذلك في كل ما فيه صيانة وحفظ عن مكروه أو سوء، وإن كان بارزاً للأبصار، كما قيل للدر المصون: المكون؛ لأنه في حُق أو درج. وجارية مكنونة، أي مصونة في الحجال، وما أشبهه؛ فكل ما صين عن البِذلة، أو الشمس، أو الغبار أو نحو ذلك، فقد كننته، وهو مكنون، وإن لم يكن مستورا عن الأبصار، كما قال الله عز وجل: (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ). وقال الأعشى:

أو بيضة في الدعص مكنونة أو درة شيفت إلى تاجر

فالبيضة ليست بمستورة في الدعص، ولكنها مصونة عن التدحرج والانكسار والوطء، كالسر ونحوه، وإنما تصونه عن الإذاعة به والهتك، ولكن قيل فيه: أكننته، بالألف؛ لأن معناه معنى أخفيته، فنقل فعله بالألف أي جعلت له كنا، كم قال الله عز وجل: (ورَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ومَا يُعْلِنُونَ). والعامة تقول فيهما جميعاً، بغير ألف.

<<  <   >  >>