للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالفاعل من هذا حاس، والمفعول: محسوس ومصدره: الحّس. والعامة تقول: حسست الشيء في أحسست، وهو خطأ.

وأما قوله: مَلَحت القدر/ إذاا ألقيت فيها من الملح بقَدر؛ يعني بغير ألف. وأملحتها، إذا أفسدتها بالملح، بالألف؛ فإن الملح هو الإصلاح في كل شيء. وبالملح يكون صلاح جميع الطعام وأكثر الأشياء، فإذا جعلت في القدر من الملح بقَدَر، فقد أصلحتها، ولذلك قيل: ملحتها. وكذلك غير القدر كقولهم ملحت المرأة الصبي، إذا أرضعته، ولذلك سمي الرضاع واللبن: الملح، كما قال الشاعر:

وإني لأرجو ملحها في بطونكم وما بسطت من جسد أشعث أغبرا

ومنه قيل: ملحت السمك، إذا جعلت فيه ما يصلحه من الملح، ولذلك قيل: سمك مملوح ومليح. ولا يقال: مالح، إلا على جهة النسب، أي ذو ملح. والعامة تقول: سمك مالح. فإذا جاوزت القدر الذي يجب، فقد تركت الصلاح وأفسدت؛ فلذلك قيل: أملحتها بألف، أي أفسدتها بالملح، فأنت مملح، والشيء مملح إملاحا. وإذا كان شيء يصلحه الملح الكثير قيل: ملحته تمليحا، فهو مملح؛ بالتشديد، كالشحم والإلية والسنام. وللدابة وللبعير، إذا أطعمتها الملح، والنخل إذا ذررت الملح في أكرابها، للعلاج من داء، ودواب.

وأما قوله: رميته أرميه رميا بيدك، فإذا قلعته من موضعه قلت: أرميته عن الفرس وغير إرماء. فإن أصل الرمي، إنما هو بسهم أو حجر أو غيرهما، مما يقذف به باليد أو بغيرها، وإن لم يمس باليد، وهو مرمّى. وذلك عام في كل شيء، حتى يستعار للأيام والليالي والموت، وغير ذلك، فيقال: رمته الأيام ورماه الدهر، ورمته/الحوادث، ورماه الموت، كما قال عمرو بن قميئة:

<<  <   >  >>