رمتني بنات الدهر من حيث لا أدري فكيف بمن يرمى وليس برام
على الراحتين تارة وعلى العصا أنوء ثلاثا بعدهن قيامي
فلو أنني أرمي بسهم تقيته ولكنني أرمي بغير سهام
يعني الصروف والأحداث. ومنه قولهم: رمتني المرأة بعينها، إذا نظرت إليه، ففتنته، كما أنشدنا محمد بن يزيد:
رمتني وسرت الله بين وبينها عشية آرام الكناس رميم
ألا رب يوم لو رمتني رميتها ولكن عهدي بالنضال قديم
فهذا يبين أن قوله: إذا رميته بيدك خطأ، لأنه ليس للدهر يد، والعين ليست بيد، والإنسان يرمي غيره بالشتم بلسانه، كما قال الله عز وجل:(والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ). وقال [تعالى]: (والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: (ومَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) والنبي صلى الله عليه قد رمى بالتراب، ولكن الله رمى بالهزيمة والرعب في قلوبهم. والذي قاله أيضاً في اليد، إنما هو رمي بشيء غير اليد، مثل: السهم والحجر ونحوهما. ومنه ما هو بآلة، كالقوس والمقلاع والمحذفة.
وأما قوله: أرميته، إذا قلعته من موضعه، فإنما هو إلقاء الشيء من مكانه، من علو إلى سفل، وهو مجاوزة حد الرمي الأول، والزيادة عليه، فإنما قيل: أرميته عن الفرس، كما يقال: أذريته أي ألقيته من الذروة، ولأنه في معانه، ولذلك قيل:/ قد أرمى فلان على كذا وكذا سنة، إذا زادت سنوه، فهو مرم إرماء.