فسُد بضم الماضي أيضاً، وهو لحن وخطأ، وكذلك يقولون: صلح بضم اللام، ولو كان ذلك صواباً، لجاء اسم الفاعل منهما على فعيل، مثل: فسيد وصليح، مثل: ظريف وكريم، ولم يقل صالح وفاسد.
وأما قوله: عسيت أن أفعل ذاك، فهو فعل ماض، فيه معنى ترج وإشفاق. وإنما ذكره؛ لأن العامة تقوله بكسر السين، وهو لغة شاذة رديئة، ولا يستعمل مستقبل هذا الفعل، ولا يصرف منه اسم فاعل، ولا مصدر له؛ لأنه منقول عن المضي، موضوع موضع الحال والاستقبال، ولو استعمل منه المستقبل لقيل: يعسي بكسر السين. والصواب فيه فتحها مع الاحد والاثنين والجميع، والظاهر والمضمر، كقولك: عسيت أنا، وعسينا، وعسيت أنت، وعسيت يا امرأة. وعسيتما وعسيتم وعسوا، وعسين وعستا، وقال الله عز وجل:(عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَاسَ الَّذِينَ كَفَرُوا). وقال:(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إن تَوَلَّيْتُمْ). وقال:(عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا). والعرب ترفع بها الاسم، وتجعل خبرها أن والفعل، وهما في تأويل المصدر، ولا يجعلون خبرها المصدر نفسه، ولا اسماً غيره، إلا أنه قد جاء في بعض أمثالهم:"عسى الغوير أبؤسا". فجعلوا الخبر ههنا المصدر بعينه، وهو البأس، وجمعوه على أبؤس. وإنما حكمه أن يقال: عسى الغوير أن يبأس، أو يبئس بأساً، وقد نصب بها بعضهم أيضاً في ضرورة الشعر اسمها، فقال: