كأنه أتبعها "لعلي" في العمل/، لما جاءت بعده. وإنما حقها أن يقال فيها: لعلي أو عسيت.
وإنما قوله: دمعت عيني، أي سال دمعها. وإنما ذكره؛ لأن العامة تقول: دمعت، بكسر الميم، وهو لغة رديئة، والميم مفتوحة في المستقبل؛ لأن العين بعدها من حروف الحلق، ولولا ذلك لجاز فيها الضم أو الكسر. والدمع مصدر بمعنى السيلان، وهو اسم لكل سائل؛ من ماء وغيره، يقال: دمعت السحابة، ودمع الجرح؛ ولذلك سميت الخمر: دمعة الكرم، وقيل لكل قطرة من جميع ذلك: دمعة، وقيل لبعض الشجاج: الدامعة؛ وهي التي يخرج منها مثل الدمعة من الدم، وفيها حكومة ما يرى الإمام.
وأما قوله: رعفت أرعف؛ بفتح الماضي وضم الغابر، فإنما ذكره؛ لأن العامة تقول: رعفت، بض الراء وكسر العين، على مثال الفعل الذي لا يسمى فاعله، وهو خطأ؛ لأن هذا فعل لا يتعدى، فلا يجيء منه ما لم يسم فاعله، ولا يكون له مفعول، كما لا يكون ذلك في: جلس وقعد، أن يقال: جلست ولا قعدت، ولكن يجوز أن يقال: رعف في المكان، كما يقال: جلس اليوم، وقعد في المكان، فيضمر المصدر بدلا المفعول. ولا يقال زيد قد رعف، على أن يرجع إلى "زيد" ما يضمر في رغف. ومعنى رعفت، انبعث الدم من أنفي، وذلك الدم الرعاف على فعال؛ لأنه من الأدواء كالزكام والصداع. ومنهذا قيل للفرس، إذا تقدم الخير، في سير أو سبق: قد رعف. وكل متقدم راعف، والتقدم غير معتد إلى مفعول، وإنما فعل الرعاف للدم، فجعل لصاحب الدم، على الاتساع والاختصار، وطلب الإيجاز، ألا ترى أن الدم هو المتقدم!