فعله، وشكرت له بره، وشكرت له معروفه، فالفعل والبر والمعروف مفعولات لشكرت، بغير حرف جر. وفلان يتعدى إليه الفعل، بحرف الجر، وليس في الدنيا عربي، ولا نحوي، يزيد اللام في هذا المفعول، الذي يتعدى الفعل إليه، فتقول: شكرت لفلان معروفه، فإن شئت اقتصرت على أحد المفعولين فقلت: شكرت فلانا، أو شكرت معروف فلان، فكان كلاما تاما مستقيما؛ لأنه في الأصل لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد. وإن شئت حذفت الجار من المفعول الثاني، فعديت الفعل بنفسه إليهما فقلت: شكرت زيدا معروفه، كما قال الشاعر:
أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل
وإنما يجوز ذلك إذا كثر استعمال الفعل، وعرف معناه، واحتيج إلى تخفيفه أو اضطر إلى الحذف شاعر. وإن شئت قلت: شكرت فلانا لمعروفه، فجعلت اللام في المعروف، ونصبت فلانا. ونصحت مثل شكرت، لا يتعدى بنفسه إلا إلى مفعول واحد؛ لأن أصله من النصح؛ وهو الخياطة، تقول: نصحت ثوبي أي خطته، وأصلحته، كما تقول: خطت ثوبي، وأصلحت ثوبي، وتقول: نصحت لفلان ثوبه، فتعديه باللام إلى مفعول ثان، فهو في غير الخياطة أيضا بهذا المعنى، والتعدي إلى مفعول واحد بنفسه، ولى ما بعده بحرف / الجر؛ لأنه ينصح له الرأي والمشورة، أو نحو ذلك، كما ينصح له الثوب، ولكنه لما كثرت معه اللام وعرف معناه، واستغني عن المفعول الأول، وقل استعماله في الكلام توهم من لا يحصل المعاني، ولا يتحققها أنهلا يجوز بغير اللام، وتوهم قوم أن حرف الجر زائد فيه، وليس واحد من القولين بالصواب، ألا ترى أنك لو أظهرت المفعول المستغنى عنه فقلت: نصحت له الرأي ونحوه، لكان جيدا عند جميع أهل العربية ولو أردت إدخال اللام على الرأي لما جاز؛ فهذا يوضح صحة ما قلنا وفساد غيره. وقد ذكر ثعلب صنيعه مع قوله شكرت له، ولم يعلم أن هذا الفعل قد تعدى إلى صنيعه، بغير حرف جر، فترجم الباب بما لا يقال