للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودليلا على أن الفعل بغير الوجدان ونحوه، وكذلك قولهم: وجدت على الرجل موجدة بوزن المعتبة؛ لأن قولك: وجدت عليه، وعتبت عليه بمعنى، فصار خروج مصدره على مثال نظيره، فرقا بينه وبين/ غيره، ودليلا على المقصود بالفعل، ولذلك عدي إلى المفعول بعلى، كما عدى به عتبت؛ ولذلك قالوا في اليسار والغنى: وجدت المال وجدا ووجدا، بالضم والكسر، وجدة، فالجدة على قياس: وعدته عدة، ووزنت زنة، وومقت مقة، بحذف الواو من صدره، وهو أصل مطرد في جميع هذا الباب، وإن كان الاستعمال ما ذكره. وأما الوجد بالضم؛ فقد خص به مصدر الغنى واليسار، كما قال الله عز وجل: (مِّن وجْدِكُمْ) وهو على مثال: اليسر والوسع، وضده الفقر والضر والجهد والبؤس، فصار البناء فيه فرقا بين معناه، وبين سائر معاني "وجدت". وكذلك الوجد بالكسر؛ لأن الكسر أخت الضم، وقد استعمل الوجود، على مثال فعول في ضده الفقور والعدم، كأنه بنى على مثال ضده؛ فذلك فيه فرق أيضا بينه وبين سائر المعاني. وهذه اللفظة من أقوى حجج من يزعم أن من كلام [العرب] ما يتفق لفظه ويختلف معناه؛ لأن سيبويه ذكره في أول كتابه، وجعله من الأصول المقدمة؛ فظن من لم يتأمل المعاني، ولم يلحق الحقائق: أن هذا لفظ واحد قد جاء لمعان مختلفة؛ وإنما هذه المعاني كلها شيء واحد؛ وهو إصابة الشيء خيرا كان أو شرا، ولكن فرقوا بين المصادر؛ لأن المفعولات كانت مختلفة فجعل الفرق في المصادر؛ لأنها أيضا مفعولة، والمصادر كثيرة التصاريف جدا، وأمثلتها كثيرة مختلفة، وقياسها غامض، وعللها خفية، والمفتشون عنها قليلون، والصبر عليها معدوم؛ فلذلك توهم أهلل اللغة أنها تأتي على غير قياس؛ لأنهم لم يضبطوا قياسها، ولم يقفوا على غورها.

وقوله: القرب الليلة؛ التي ترد الأبل في صبيحة يومها الماء خطأ؛ لأن القرب

<<  <   >  >>