هو الورود نفسه،/ وإنما هو مصدر؛ ولذلك جاء به في باب المصادر، فإن كان اسما لليلة كما فسر، فوضعه في المصادر خطأ، ولو كان اسما لليلة لما جاز أن يقال: ليلة القرب، فتضاف إليها الليلة؛ لأنها لا تكون ليلة نفسها، ولا يجوز أن يضاف شيء إلى نفسه، وإنما هي الليلة التي يقربون فيها من الورود قربا.
وقوله: جلا القوم عن منازلهم، وأجلوا، خطأ؛ لأن أجلوا إنما يقال لمن أجلى قوما عن منازلهم وبلدهم، لا للقوم الجالين أنفسهم، إذا جلوا عن ديارهم. وقد بينا أمر فعل وأفعل في كتاب غير هذا.
ونحن مفسرون غريب الباب ومعانيه، إن شاء الله.
أما قوله: وجدت المال وجدا، ووجدت الضالة وجدانا، ووجدت في الحزن وجدا، ووجدت على الرجل موجدة. وتقول في كله: يجد، فقد ذكرنا علته وقياسه وتفسيره في صدر الباب.
وأما قوله: رجل جواد، بين الجود، وشيء جيد، بين الجودة، وفرس جواد [بين] الجودة والجودة، وجادت السماء تجود جودا؛ فإن الأصل في كل ما ذكر هو السخاء والسماحة والعطاء؛ فالإنسان يجود بالمال، والفرس يجود بالجري والعدو، والسماء تجود بالمطر، فالمعنى واحد؛ ولذلك اتفقت ألفاظ أفعالها وأبنيتها، ولكن قد فرق بين مصادر هذه الأفعال؛ دليلا على اختلاف الفاعلين والمفعولين، وفرق بين صفاتهم أيضا لاختلافهم في أعيانهم؛ فقيل في مصدر السخاء بالمال: الجود، على بناء اليسر، بضم الأول وقيل في صفة الفاعل منه: جود، على فعال؛ لأن فعالا بمنزلة فعول وفعيل في العدد والحركات والسكون. ومعناهما جميعا المبالغة في النعت. وقيل في مصدر عتق الفرس وكرمه وجريه: الجودة، والجودة، مؤنثتين، بضم الأول وفتحه، على مثل: غَرفة وغُرفة، كأن أحدهما للمرة الواحدة، والآخر للمقدار، وقيل في صفة الفرس أيضا: جواد، على صفة السخي من الناس.