يتلف تلفا فهو تتلف، فخرج على أمثلته وبمنزلة فني يفنى، يقال: نفقت نفقته تنفق؛ أي نفدت تنفد؛ لقلتها، ومن هذا استعير للدابة إذا مات، فقيل: قد نفق نفوقا، مثل خرج خروجا، على وزن همد همودا.
وأما قوله: قدرت على الشيء، إذا قويت عليه أقدر قدرة ومقدُرة ومقدِرة، وقدرت الشيء من التقدير قَدْرا وقَدَرا، وأنا أقدره؛ فإن معنى ذلك وأصله من القدرة، ولكن فرق بين الأبنية، لما مازجها من المعاني المختلفة؛ وإنما يكون التقدير للأشياء عن قدرة عليها، وعلم بها، فإذا قلت فيه: قدرت، مخففة، فهو مثل: عرفت وحزرت ووزنت، وإذا قلت: قدرت، بالتشديد، فإنما أردت التكرير والتكثير؛ فمصدر الخفيف: القدر، بسكون الدال. وأما القدر، بفتح الدال فاسم، ولكن الأسماء قد توضع مواضع المصادر، إذا كانت الأسماء من أسماء الأحداث والأفعال. وأما قدرت على الشيء؛ بمعنى قويت عليه، فلذلك عدي بعلى إلى المفعول؛ للدلالة على القوة، وقيل في المصدر: القدرة، على مثال القوة، والمقدرة، بضم الدال في القدرة نفسها، وهي على مثال المكرمة، وهي اسم. والمقدرة بكسر الدال مصدر، بمنزلة المحمدة والمعدلة.
وأما قوله: جلوت العروس جلوة، وجلوت السيف جلاء، وجلا القوم عن منازلهم جلاء، وأجلوا أيضا، وأجلوا عن قتيل لا غير إجلاء؛/ فإن معنى جلوت نحيت الأذى أو الصدأ أو الدرن عن شيء، إذا نظفته، كقولك: جلوت السيف والمرآة والطست؛ ولذلك قيل: جلوت العروس، لما تزين به. وكذلك قولهم: جلا القوم عن منازلهم، إذا تنحوا عنها، وانتقلوا وخرجوا، وكذلك قولهم: أجلى القوم عن قتيل، إنما معناه تنحوا، إلا أن أبنية الأفعال، وتعديها، ومصادرها اختلفت؛ لاختلاف الفاعلين والمفعولين؛ لئلا يلتبس بعضها ببعض، فقيل: جلوت العروس والسيف والمرآة والطست ونحوها، على فعلت مثل مسحت وصقلت، وعدي الفعل بنفسه، ثم فرق بين مصدر العروس، فقيل فيه: الجلوة، على فعلة، مكسورة الأول، ويقال أيضا: الجلوة، بالضم. وفي مصدر السيف ونحوه: الجلاء، بكسر الأول، على فعال. ومنه قول زهير: