المستقبل، على مثال: غشيت أغشى، ومسست أمس. وجعل مصدره كمصدر "قربانا" مثل: غشيان. وعدي الفعل بنفسه، لا بحرف الجر كما عدي غشيت ومسست. ومنه قول الله عز وجل:(لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) أي لا تمسهوهن، ولا تغشوهن. وقوله [تعالى]: (ولا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ) وقوله [تعالى]: (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنتُمْ سُكَارَى).
وأما قوله: قربت الماء، فبني على فعلت، بفتح عين الماضي، مثل: دنوت ومستقبله بالضم، مثل: أدنو؛ لأنه في معناه، ولكنه عدي بغير حرف جر؛ للفرق بينه، وبين ما عدي بحرف الجر في غير معناه؛ ومع ذلك إن معناه كمعنى طلبت أطلب طلبا، فخرج على مثله، وعدي تعديته، وهو أيضا، مثل: وردت أرد؛ وذلك أن القارب: هو الذي يطلب الماء، فيتقدم أصحابه لطلبه، ولا يكون ذلك عندهم نهارا، وإنما يسيرون ليلا؛ فلذلك قالوا: ليلة القرب، وجعل مصدره: القرب، بفتح الأوسط؛ للفرق بينه وبين مصادر سائر ما قدمنا وصفه؛ لأنه في معنى الطلب والكثب، وهو القرب، فهكذا تختلف الأمثلة، وتتفق الحروف.
وأما قوله: نفق البيع ينفق، ونفق الشيء إذا نقص وانقطع ينفق نفقاً وهو نفق؛ فإن أصله هذا كله من سرعة الذهاب، ولكن فرق بين أبنية أفعاله؛ للفرق بين فاعليه ومفعوليه، فقيل: نفق المتاع؛ لأنه أسرع ذهابه ونقصانه، بالشراء والبيع، فقيل: نفق ينفق، على وزن نقص ينقص وذلك إذا رغب فيه فطلب، وكذلك نفق البيع، يريد بالبيع المبيع/ من المتاع، لا البيع نفسه: وكان ضده: مسد يكسد المتاع والشيء كسادا فخرج على مثال تصرفه لذلك، ومع ذلك إن معنى نفق المتاع كمعنى خرج المتاع. وأما نفق الشيء، بكسر عين الماضي، ينفق، بفتح المستقبل؛ فلأنه بمعنى نفد ينفد نفدا، فهو نفد، وتلف