للجدري أثرا لا يكاد يمحي، ولا يفارق صاحبه أبدا، كما لا تفارق الأم ذكر الولد وحبه، ولا تنساه، وإلى هذا ذهب " الخليل" بقوله: إن تفسير الأم وتصريفه في كل الوجوه: أمه يأمه. والصواب عندنا ما قال "الخليل" في الأم، والهاء فيها أصلية محذوفة من الواحدة، يستدل عليها برجوعها في الجميع والتصغير، وتصريف الفعل، وبما هذه الهاء ثابتة مما ذكرناه، كما يستدل بالتثنية والتصغير والتصريف على المحذوف من: أب وأخ وابن ودم، وهن وحر واست. وما أشبه ذلك، ويستدل أيضاً على ذلك بنظائر الأمهة، نحو الأبهة، وهي الكبر ونحو الترهة واحدة الترهات، وهي الأباطيل والحماقات، والتاء فيها مبدلة من واو أصلها ورهة، ونحو الفوهة؛ وفي فوهة الطريق، ونحو السمة جمع السامه، وهو الذي لا يعييه السير من الأبل والخيل. وكل هذا عند النحويين واللغويين على وزن فعلة، والهاء أصلية غير زائدة، عند أحد منهم، فكذلك الأمهة.
ومما يستدل به أيضا على أن هذه الهاء غير زائدة في الأمهات، أن الحرف المزيد في الكلمة لا يخلو عند حذاق النحويين، وعلماء اللغويين من أن يكون زيد بمعنى من معاني/ الحروف الزائدة في الكلمة، فتجب زيادته لذلك المعنى بعينه في كل كلمة، كما تزاد التاء في قولنا: احتمل في كل فعل غير احتمل، نحو احتبس من الحبس، واعتبر من العبرة، واتخذ من الأخذ في ماضيها ومستقبلها، واسم فاعلها ومفعولها. وإن ذلك يجب أن يطرد ولا ينكسر، وكما تزاد النون التي في انطلق في كل فعل معناه المطاوعة، نحو انكسر وانستر وانجبر وانجذب في ماضيها ومستقبلها، والاسم المتصرف منها، وألا ينكسر ذلك بل يطرد، أو يكون الحرف الزائد إنما زيد لإلحاق الثلاثي بالرباعي، أو الرباعي بالخماسي فإن كانت هذه الهاء زيدت في الأم، التي هي عند مدعي ذلك لإلحاق، الأم التي هي عنده ثلاثية بالرباعي، فإنه يجب أن يصرف الأمهة تصريف الملحقات بالرباعي، وذلك أن الملحق بالرباعي لا يخالف الرباعي الذي لا زيادة فيه في التصرف في ماضيه ومستقبله واسم فاعله ومفعوله ومصدره، ألا ترى أنك تقول: يبيطر يبطر بيطرة، وجوهر يجوهر جوهرة، وهما فيعل من البطر وفوعل من