اللام فإنما خففه كما قيل: عضد وكبد ونحو ذلك. ويقال أيضا: احتلم الغلام يحتلم، فهو محتلم، إذا بلغ الحلم.
وأما حلمت عن الرجل فمصدره الجاري على مثال نظيره: الفعالة؛ لأنه من باب المبالغة في النعت كقولك: صلب يصلب صلابة وظرف يظرف ظرافة، وكرم يكرم كرامة، ونحو ذلك، ولكنه لم يستعمل، واستغني /عنه بغيره، فوضع الحلم في موضع مصدره، طلبا للتخفيف لكثرة استعماله، أو للفرق بينه وبين ما يلتبس به، وهو اسم للعقل أو شبهه، ولذلك يجمع على: الأحلام، وعلى: الحلوم، كما تجمع الألباب والعقول، قال الشاعر:
يا حار لا تجهل على أشياخنا إنا ذوو السورات والأحلام
وأما قوله: حلم الأديم يحلم حلما، فهو مصدر صحيح، جار على القياس؛ لأن ما كان على فعل يفعل، فحقه أن يكون مصدره على: فعل، بفتحتين، وإن كان قد يدخل على الشيء ما ليس من بابه، كما دخلت المصادر المختلفة في باب: وجدت، كما فسرنا من المعاني المختلفة، فتصير كأنها مصادر لذلك الشيء، وحقيقته ما فسرنا، وأهل اللغة لا يعرفون ذلك. وقوله: حلم الأديم، إذا تثقب خطأ، وإنما معنى حلم: أنه وقع في الحلم، وهو: دود لتولد في جلد الشاة في الشتاء، من الهزال، فإذا دبغ تثقب مواضع الحلم، ولو لم يقع فيه الحلم لم يتثقب من شيء آخر، لما قيل: قد حلم؛ لأنه فعل مشتق من الحلم، واسم واحدته: حلمة، وإذا حلم الأديم لم يدبغ؛ لأنه لا ينتفع به، ولذلك قال الشاعر:
فإنك والكتاب إلى علي كدابغة وقد حلم الأديم
وأما قوله: قذت عينه تقذى قذيا، إذا ألقت القذى، وقذيت تقذى قذى، إذا صار فيها القذى، وأقذيتها إقذاء، إذا ألقيت فيها القذى، وقذيتها تقذية إذا أخرجت منها القذى؛ فإن القذى: كل ما وقع في العين من شيء يؤذيها كالتراب والعود، وكالرمص السائر من موقع المجتمع فيها كما/ قال الشاعر: