للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد طلقها زوجها، بالتشديد، فهو يطلقها تطليقا، كما قال الله عز وجل: (وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ) وقال عز وجل: (والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ). وأجود اللغتين في فعلها: طلقت بالفتح؛ لأن الفاعل فيه لم يستعمل على طليق، ولا المصدر على فعالة ولا فعولة، وإنما قيل لها هذا؛ لأنها كانت كالأسيرة والمأمورة في يد الزوج، فخرجت عن ذلك وصار أمرها بيدها؛ ولهذا قيل للناقة إذا أرسلت من عقال أو نحوه لترعى كيف شاءت: ناقة طالق وطالقة، وقد طلقت تطلق، وطلقها صاحبها من وثاقها، وأطلقها، ونحو ذلك كذلك، فإذا كان الرجل كثير التطليق للنساء، قيل له: مطلاق ومطليق./ وكذلك المرأة إذا كانت تنفس، قيل لها: طلقت تطلق طلقا على مثال ما لم يسم فاعله؛ لأن ذلك الفعل ليس من كسبها، وإنما هو وجع نزل بها، إلا أنه من الانحلال والاسترسال لها، مما بها من الحمل. ومصدره مفتوح الأول، ساكن الثاني، للفرق بينه وبين غيره؛ ولأنه مصدر فعل قد تعدى إليها مثل قولك: ضربت ضربا، وامرأة مطلوقة أي بها طلق، ولم نسمع فعل فاعلها. وكذلك قوله: طلق وجه الرجل، بفتح الأول وضم الثاني طلاقة، على بناء صبح يصبح صباحة، وملح يملح ملاحة، كأنه قد انحل عنه العبوس وحسن وهو بخير، مخففا مفتوح الثاني. وأطلقها، وقد جاء في هذا بلغتين: فعل وأفعل، بمعنى واحد، ثم استشهد على ذلك بقول الشاعر:

أطلق يديك تنفعاك يا رجل

على لغة من قال: طلق يده؛ فكسر الألف من قوله: أطلق. ولو فتحها على اللغة الأخرى، لكان أجود، ولم يكن يتغير وزن الشعر، ولعل هذه الرواية التي رواها مما غلطت فيه الرواة؛ لأن أطلق، بالفتح، هو المعروف المشهور والقياس المطرد، ولم يجيء طلقته متعديا خفيفا إلا في قولهم: طلقت المرأة عند الولادة خاصة مع المفعول دون الفاعل، فإن صحت هذه اللغة في اليد، فهي بمعنى: طلقت المرأة وهي مطلوقة طلقا؛ لأن تخليص اليد من البخل والإمساك، كتخليص المرأة من الحمل، وكان في مستقبله الكسر والضم جائزين.

<<  <   >  >>