للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما هو الشيء المطموع فيه من عرض الدنيا الذي يعرض للناس من مال وولد وأهل وزينة وغير ذلك، كما قال الله عز وجل: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ) وليس للدنيا طمع، وإنما الطمع للناس في الدنيا، وكل ما عرض للناس فاسمه: عرض، بفتح الراء؛ للفرق بينه وبين ما تقدم، فأما فعله فمثل الأول على بناء ضرب يضرب، وإنما سمي عرضا؛ لأنه يجيء ويذهب ولا يدوم، كما يسمى العرض في الجسد مثل اللون والصحة والمرض، والغم والفرح، والحركة والسكون؛ لأنها تعرض في البدن مرة وتزول أخرى. واستعير هذا الاسم كالكناية من العرض الذي هو خلاف الطول؛ لأن ذلك عرض في العريض يأتي ويذهب؛ ولذلك قال الشاعر:

ما المال إلا عرض زائل يأخذ منه البر والفاجر

وأما قوله: والعرض من ناحية الشيء، فهو اسم على بناء فعل، بضم الأول وسكون العين للفرق بينه وبين سائر ما تقدم، ومعناه معنى السقع، وهو الناحية من الشيء ومن/كل بلد، وهو مأخوذ أيضا من العرض الذي هو ضد الطول؛ لأن ذلك أيضا ناحية من الشيء العريض، والسقع منه.

وأما قوله: والعود معروض على الإناء، وكذلك السيف معروض على فخذه، فإنه أيضا من العرض الذي يضاد الطول؛ لأن العود إنما يوضع على رأس الإناء عرضا، أي بالعرض والإضجاع، ولا ينصب نصبا مع الإناء قائما منتصبا مع طول الإناء. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أتي بإناء فيه لبن وهو مكشوف، فقال: "هلا خمرته ولو بعود تعرضه عليه" يجوز ذلك بضم الراء وكسرها في المستقبل. وفي حديث آخر: "أنه كان يستاك عرضا". أي يجيل السواك في عرض فيه على أسنانه، ولا يسوكها طولا. وكذلك السيف إنما يضجعه الرجل على فخذيه، من يمينه إلى شماله، فهو على عرض الرجل الذي يضاد الطول، ولو وضعه على فخذه طولا، لما كان معروضا على فخذه.

<<  <   >  >>