ولكنه بمعنى دخلت في الحداد، إلا أن يكونا من لغتين مختلفتين. وقد بينا ذلك في كتاب "فعل وأفعل" وفي مواضع من هذا الكتاب.
وقوله: حددت على الرجل أحد حدة وحدا ايضا، وقولهم: أحد الرجل، افتعل من حد، إذا غضب، واحتدت السكين وغيرها أيضا، بمعنى الانفعال ففي كل شيء، مثل حد السكين المانع من نفسه، لأن الحدة: الغضبة والسلاطة، فهما مشبهان بالسلاح المانع. وقد بينا في مواضع أن الفعلة، بكسر الفاء: الهيئة من الفعل والنوع كالجلسة والركبة والحدة، والحد، مفتوح: مصدر عام في الأفعال المختلفة على ما كنا شرحنا، ولم يستعمل المستقبل من هذا إلا بالكسر؛ للفرق بينه وبين ما تقدم، والضم فيه غير ممتنع.
فأما قوله: أحال الرجل في المكان، إذا أقام حولا، وأحال المنزل: أتى عليه حول، إحالة، وحال بيني وبين الشيء حولا، وحال الحول، وحال عن العهد حئولا، وحالت الناقة والنخلة، إذا لم تحمل: حيالا، وأحلت فلانا على فلان بالدين إحالة، وحال في ظهر دابته إذا ركبها حئولا، فإن ذلك كله مرجعه إلى معنى واحد وهو: زوال الشيء من مكان إلى مكان، وتحوله من حال إلى حال، ونحو ذلك، ولكن شارك هذا المعنى من كل واحد منها معنى آخر، فاختلفت لذلك، وخولف بين تصاريف أفعالها ومصادرها؛ للفرق بين ما زاد فيها من المعاني المختلفة، فمن ذلك أن قوله: أحال الرجل في المكان، إذا أقام حولا إنما معناه أقام عنه حول، وصار في حول آخر، وسمي الحول نفسه حولا لمضي السنة ومجيء أخرى؛ فلكل واحدة منهما حول، لأنها تحول لا محالة، وتأتي أخرى، وكذلك قوله: أخال المنزل إذا أتى عليه حول؛ لأنه قد مضى له حول وأتى عليه آخر. وجمع الحول: أحوال. والرجل المقيم حولا: محيل، والمنزل كذلك محيل وهذا الفعل غير متعد، ولكنه بمعنى دخل في الشيء وصار فيه، فلذلك جاء بالألف على أفعل، كما يقال ايسر وأترب، ونحو ذلك. ومصدر ذلك: الإحالة في الوجهين وأصله الإحوال [فاعتلت الواو بالقلب]، كما اعتلت في: أحال، وفي: يحيل ومحيل؛ فاجتمع ساكنان، فحذف الزائد منهما، وعوض علامة التأنيث التي تجيء للمرة الواحدة من الألف المحذوفة، فقيل: الإحالة. وقد جاء في كلام العرب: محول على الأصل غير معتل، قال الشاعر: