للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديد، وفعال؛ لأن فعالا نظير فعيل. ومن قال: سكين حادة، كان الفعل منه: حدت السكين تحد، بفتح الماضي وكسر المستقبل ومصدره: الحدة. وإنما سمي طرف السكين وحرفها الرقيق حدا؛ لأنه يحد عنها اللمس، أي يمنع؛ ولهذا قيل للبواب: حداد؛ لأنه يمنع. ومنه قول الأعشى:

فقمنا ولما يصح ديكنا إلى جونة عند حدادها

ولمثل هذا المعنى قيل: أحددت النظر إحدادا؛ لأنه نظر شديد له حدة كحدة السكين فيه غضب. وقد يقال في هذا أيضا: حددت النظر بالتشديد، إذا أردت المبالغة. وقوله: حددت حدود الدار حدا راجع إلى هذا المعنى بعينه؛ لأن حد الدار منتهاها وطرفها المانع غيرها من الدخول فيها، والفاصل لها مما سواها. وبني فعله على فتح الثاني من ماضيه وضمه من مستقبله؛ لأن المعنى فيه مثل معنى ذرعت وشبرت وبحثت وعرفت وما أشبه ذلك، والضمة والكسرة مطردتان في مستقبله، وإن كان المستعمل الضم وحده؛ للفرق بينه وبين غيره. والفاعل: حاد والدار محدودة.

وقوله: حدت المرأة على زوجها تحِد وتحُد حدادا، فهي حاد، فإن المعنى فيه أنها منعت الزينة ونحو ذلك نفسها،/ والطيب بدنها، ومنعت بذلك الخطاب خطبتها، والطمع فيها، كما منع حد السكين وحد الدار ما منعا. وجعل مصدر فعلها على فعال فرقا بينه وبين فعل غيرها، ولأن فعالا مثال لما كان من اثنين كالعناد والقتال، كأنها قد مانعت الخطاب والزينة والطيب وحادتهم، فهي تحداهم محادة وحدادا، كما قال الله عز وجل (إنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ) وإن كان قد استعمل في مستقبله الكسر والضم على غير فعل الاثنين، بل على القياس في فعل الواحد والكسر فيه أكثر للفرق بينه وبين غيره.

وأما قوله: ويقال أحدت بالألف فهي محد، فلا يجوز أن يجيء بمعن حدت،

<<  <   >  >>