للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء/ على فعال؛ للفرق بين هذا وبين ما تقدم فحولت الواو منه ياء من أجل انكسار الحاء قبلها، فقيل: حيالا، كما يقال: قام يقوم قياما، وصام يصوم صياما، ومع ذلك إن الفعل بناء عيوب الدواب كالعضاض والشماس والحران والجماح، وكذلك الحيال من عيوب الناقة والنخلة. ومنه قول الأعشى:

ولقد شبت الحروب فما غـ ـمرت فيها إذ قلصت عن حيال

يعني أن الحرب حالت، كما أحالت الناقة، ثم وقعت بعد الحيال، كما تحمل الناقة والنخلة بعد الحيال، فيكون أشد لها وأقوى، ويقال: ناقة حائل، إذا لم تحمل، وحولل أيضا، ونخلة حائل، وجمعها: الحول.

وقوله: أحلت فلانا على فلان بالدين إحالة أيضا، بمنزلة الأول في التصريف والمعنى؛ لأنه أزال عن نفسه الدين إلى غيره وحوله تحويلا، فهو محيل، والمفعول: محال، والذي حول عليه الدين: محال عليه، فنقل هذا الفعل بالألف، كما نقل بالتشديد فيقال: حول تحويلا؛ ولهذا قيل للكلام المزال عن الاستقامة والصحة: محال، وقد أحاله يحيله إحالة. وكذلك قوله: حال في ظهر دابته، إذا ركبها، حئولا أيضا، معناه: زال من مكانه وتحول إلى ظهر دابته. وقد مضى شرح تصريف فعله.

وأما قوله: أوهمت الشيء إذا تركته كله، أوهم، ووهمت في الحساب وغيره إذا غلطت فيه، أوهم. ووهمت إلى الشيء، إذا ذهب قلبك إليه، وأنت تريد غيره، أهم وهماً؛ فإنه ذكر ثلاثة أوجه في هذه اللفظة، ولم يذكر إإلا مصدر الثالث منها، وكان حقه ألا يخل بذكر المصادر منها جميعا؛ لأن الباب مترجم بالمصادر لا بالأفعال،/ فقوله: أوهمت الشيء، إذا تركته كله مصدره أو يقال: إيهاما؛ لأن فعله على أفعلت، وهذا الفعل يتعدى إلى مفعول واحد ومعناه أسقطت الشيء من وهمي أي نسيته وليس معناه تركته كما زعم. وإنما يكون هذا تركا إذا كان الترك عن نسيان وإضاعة ونحو ذلك، فهو سقوطه من الوهم. ولو تركه عامدا لم يكن موهما ولا مسقطا له عن وهمه، بل كان مثبتا له في وهمه تاركا له على عمد، وهذا بين لمن عقل. وقد تأتي هذه اللفظة بعينها متعدية إلى اثنين، وذلك قوله: أوهمت زيدا أمراً، وأوهمتك كذا وكذا، أي ألقيته في وهمه، فهذا ضد ذلك؛

<<  <   >  >>