وأما قوله للرجل؛ إيهٍ، حدثنا، إذا استزدته، /وإيهاً، كف عنها، إذا أمرته أن يقطعه، وويها، إذا زجرته عن الشيء وأغريته به، وواهاً له، إذا تعجبت منه؛ فليس شيء من هذه الكلمات بمصدر، ولا هو داخل في باب المصادر، ولكنها أسماء للأمر والنهي ونحوهما، يستغنى بها عن الأفعال، وتجري مجرى حروف المعاني، لا حظ لها في شيء من الإعراب؛ لأنها غير متمكنة في الاسمية، وهي بمنزلة صه ومه وليست لها أفعال، تتصرف منها، ولكنها حكايات لأصوات وزجر.
فأما إيهٍ، بكسر الهمزة والهاء، فموضوعة للاستزادة والاستدعاء، وأصلها ألا تنون؛ لأنها غير متمكنة، وأنها لاستزادة المعرفة كالأعلام من الأسماء المبينة، مثل: دراك ونزال وهي مبنية على الكسر، لئلا يجتمع في آخرها ساكنان، ومنه قول ذي الرمة:
وقفنا فقلنا إيه عن أم سالم وما بال تكليم الديار البلاقع
كأنه قال: وقفنا على الديار، فقلنا: أخبرينا عن أم سالم. فصار قوله أيه اسما لأخبرينا بمنزلة الإخبار، كأنه قال لها: الإخبار عن أم سالم. ومن العرب من نونها، فيقول: إيه، وذلك إذا لم يقصد بالإخبار شيئا معروفا، ولكن إذا أراد استزادة من الاستزدادات وخبرا من الأخبار؛ لأن التنوين من علامات التنكير؛ لأن النكرات أمكن من المعارف، وأنشدنا أبو العباس المبرد:
إيه فداء لك يا فضاله أجره الرمح ولا تهاله
وأما إيه، بفتح الهاء فموضوعة لضد معنى المكسورة، ومعناها الزجر عن/ الشيء والنهي عن الزيادة فيه؛ ولذلك فتحت؛ ليفرق بين الأمر والنهي، وسبيلها في التنوين سبيل المكسورة، وأنشد "الخليل" في تنوين هذه لحاتم: