وقد يقال لغير النعل: حذوت، إذا كان شبيها بمعناها، كقولهم: فلان يحذو حذو فلان، اي يقتدي بهديه وشكله وفعله، ويتشبه به. ويقال أيضا: هو يحتذي طريقة فلان، على يفتعل.
فأما قوله: أحذيت فلانا من العطية، وهي الحذيا، فإنما جاء بالألف، لنقل الفعل أو تعديته إلى مفعولين؛ أحدهما الرجل والآخر العطية؛ لأنه في معنى أعطيته مالا، وكذلك أحذيته ثوبا ومالا ونحو ذلك. وقد يجوز أن يقتصر على مفعول واحد، للاختصار. وإنما تحولت الواو في أحذيت إلى الياء؛ لأنها وقعت رابعة، وكل واو صارت رابعة تبدل منها الياء استثقالا للواو فيما طال وكثرت حروفه./ وأما الحذيا فاسم للعطية، وليست بمصدر، وإن كانت قد توضع موضع المصدر، والواو فيها قد أبدلت منها الياء، لضم أولها، وللفرق بينها وبين الصفات، وللحوق ألف التأنيث في آخرها؛ لئلا يجتمع فيها ضروب من الثقل واللبس، وأصلها: حذوى، ولو كان أولها مفتوحا، لأقرت الواو مكانها، كما تقر في مثل شكوى وبلوى. ومصدر أحذيت: الإحذاء، ممدود على إفعال. وفاعله: محذ، بكسر الذال، ومفعوله: محذى بفتحها، على قياس الإعطاء والمعطي والمعطى، وإنما قيل أحذيته بمعنى أعطيته؛ لأن المعطى يحذو بالعطية حذو المعطي، ومعناه جعلت له الحذو.
وقوله: حذوته، أي جلست بحذائه أيضا كذلك؛ لأنك إذا جلست بحذائه فقد حذوت جلوسك على جلوسه، وقابلت فعلك بفعله، كما تحذو النعل على المثال. ويقال في هذا الوجه: حاذيته محاذاة وحذاء ممدودا على فاعلت؛ لأنه فعل من اثنين، فأما الحذاء، فاسم للمكان الذي يقعد فيه المحاذي، وهو ظرف مثل الإزاء والشمال ونحو ذلك، ويحتمل أن يكون أخذ ذلك من نفس المصدر، وهو الحذاء.
وأما ذات الياء فقوله: حذى الشراب لساني يحذيه، ومعناه قرص وقبض وأمض ونحو ذلك، وهو على فعل يفعل، بفتح الماضي وكسر المستقبل ولا يجوز فيه الضم، لئلا تنقلب الواو ياء، على مثال برى يبري، وفي معناه. وقد يقال: حذى السيف يحذي حذيا، أي قطع. وبعضهم يجيز: حذا يحذو الشراب، بالواو ايضا.