للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفعلين مصدر على فعال، وكذلك قوله: روى، بكسر الراء وقصر الألف؛ لأن المصادر لا تجيء على هذا المثال في فعل يفعل، ولو جاء على قياس هذا الفعل لقيل: روى، بفتح الراء مع قصر الألف، ولكن لم يسمع هذا فيه، ولكنه وصف.

وأما قوله: قوم رواء، بكسر الراء ومد الألف، فهو وصف للجماعة، ووحدهم: رو على بناء فعل أو ريان على فعلان، أو راو على بناء فاعل مثل قولك: ظماء وعطاش ونهال. وهذا الجمع يدل على أن هذين الوصفين ليسا في الأصل بمصدرين؛ لأن المصادر لا تجمع. ويقال في الإناء: كأس روية على فعيلة، وجمعها رواء على فال وروايا على فعائل، وهي المتأقة المروية، وأصل ذلك كله من راء وواو وياء وليس في شيء منه همزة أصلية. وقال الشاعر في الممدود:

من يك في شكل فهذا فلج ماء رواء وطريق نهج

وقال العجاج في المقصور:

تذكرا عينا روى وفلجا

وأما قوله في هذا الفصل: رجل له رواء بضم الراء، فهو بهمز عين الفعل وليس من الري في شيء، ولكنه من الرؤية،/ واصله من رأيت مبني، ولكنه يقع موقع المصادر، وكذلك قوله: قوم رياء، أي يقابل بعضهم بعضا، هو من رأيت، مهموز؛ لأنه إذا قابل بعضهم بعضا تراءوا؛ أي رأى بعضهم بعضا، فهذا يحتمل أن يكون مصدرا لقولك: تراءوا مراءاة ورياء، بالهمز، وكذلك قوله: بيوتهم رياء، يعني أنها تتراءى مراءاة ورياء بالهمز. ومنه قولهم: فعل ذلك رياء الناس؛ لأن معناه فعله ليراه الناس، فهو يرائيهم بفعله مراءاة ورياء، كالمنافق الذي يصلي ليراه الناس، لا لله عز وجل. ومنه قوله: الرؤى جمع الرؤيا؛ لأنها أيضا من الهمز، تقول: رأيته في المنام رؤيا، وهو على فعلى، وجمعها فعل، مثل البشرى والبشر، وأما ما يروى بالبصر، فإنه بالهاء: الرؤية، وأصلها واحد.

وأما قوله: تقول: دلع فلان لسانه، أي أخرجه، ودلع لسانه، أي خرج فليس من باب المصادر، ولا باب الوصف، وكان يجب ألا يذكره في هذا الباب أو يذكر مصدره واسم

<<  <   >  >>