للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاعله ومفعوله. وإنما هو من باب الفعل الذي يستوي فيه تصريف المتعدي وغير المتعدي كقولهم: جبر الرجل وجبرته، وكسب وكسبته وما أشبه ذلك، مما قد شرحه في غير هذا الباب، وأنه جاء مخالفا للباب، والأصل والقياس؛ لأن حق هذا أن يكون في المتعدي منه همزة النقل في أوله أو باء الإضافة بعده، كقولك: أذهبته وذهبت به، فكان أصله أن يقال: دفع اللسان إذا خرج، وأدلعه صاحبه أو دلع به، كما يقال: خرج اللسان وأخرجه صاحبه أو خرج به، ولكنه شيء كثر استعماله، وعرف معناه، فحذف منه حرف التعدية والنقل تخفيفا، واستغني عنه بالتعارف / لمعناه. ومصدر هذا الفعل: الدلوع، إذا لم يكن متعديا، والدلع، إذا كان متعديا، هكذا القياس، ووجوب الفرق بين المختلفين. وقال بعضهم: هما لغتان؛ فمن قال: دلع سلانه، فجعل الفعل للسان قال: أدلعت لسانه بالألف، إذا جعله مفعولا ومن قال: دلعت لسانه، قال: فاندلع لسانه، إذا جعل اللسان فاعلا.

وكذلك قوله: شحا فاه، يعني فتحه، وشحا فوه، يعنى انفتح، وكذلك قوله: فغر فاه، وفغر فوه، بمعنى شحا، والتفسير والقياس واحد، وإن اختلف ذلك في الاشتقاق. والمصدر في المتعدي: الشحو والفغر، على فعل، وفي غير المتعدي الشحو والفغور، على فعول.

وأما قوله: ذر ذا ودعه، ولا تقل: وذرته ولا ودعته؛ فليس هذا أيضا من باب المصادر ولا الصفات، ولكنه من باب ما قد أهمل استعمال ماضيه واسم فاعله ومصدره، واستغني عنه بغيره، مما هو في معناه، وليس فيه ثقل لفظه، وذلك أن الماضي من هذين الفعلين إنما هو: وذرته وودعته واسم فاعلهما: واذر ووادع، ففي أولهما واو، وهو حرف مستثقل، واستعمل في موضع لك: ترك وتارك؛ لأنهما في ذلك المعنى بعينه، وليس في أوله حرف [مستثقل]. واستعمال ما أهملوا جائز صواب، وهو الأصل، وقد جاء في الشعر منه، كقول أبي الأسود:

ليت شعري عن خليلي ما الذي غاله في الود حتى ودعه

وقرأت القراء: (مَا ودَّعَكَ رَبُّكَ ومَا قَلَى) بالتخفيف والتشديد، ولم يستعمل المصدر من هذين الفعلين أيضا، واستعمل في موضعه الترك؛ لأنه في معناهما، وهو أخف /

<<  <   >  >>