فأما ما جرى على الأصل الذي ذكرناه، فيقاس عليه ويطرد، ويستوي في هذا الباب ما فيه حروف الحلق وحروف اللين، وما ليس فيه شيء من ذلك، ولا يختلف؛ /لأن الأصل الفتح في مستقبله، وهو أخف الحركات.
وأكثر ما يجيء هذا الباب، في الفعل اللازم، الذي لا يتعدى فاعله، وإنما يكون بمعنى الانفعال والمطاوعة، فإذا جاء في غير ذلك، فهو لأنه يشبه المتعدي في معناه، ويشاركه في سبب آخر.
فمن ذلك قولهم: قضمت الدابة شعيرها، تقضم. وإنما جاء على وزن فعل المطاوعة والانفعال، وهو متعد، من أجل أنه بمعنى الانفعال؛ وذلك أن قضمت الدابة، بمنزلة شبعت، وإلى لشبع يؤدي، وشبعت غير متعد، وهو بمعنى طعمت، لأنه يقال: أطعمته فطعم، وهو انفعال، يقال: أشبعته فشبع، كما يقال: كسرته فانكسر. والدليل على ما قلنا: أنه يقال منت هذا: أقضمتها الشعير، بفتح العين من الفعل، فقضمت، بالكسر، أي فطاوعت. فكل ما كان أكلاً من هذا الباب، فهو مثل شبع. وكل ماكان شربا، فهو مثل روى؛ كبلعت ومصصت، وجرعت، وسرطت، وزردت؛ لأنها أفعال تكون في الطعام والشراب، بمعنى المطاوعة والانفعال، كقولهم: أبلعته فبلع، وأسرطته فسرط، وألقمته فلقم.
وأما قولهم: برأت من المرض بالفتح أبرأ في الماضي والمستقبل؛ فإنما جاء على الباب الأول، في ما كان فيه حرف من حروف الحلق، وليس من هذا الباب، وقد كان يجب أن يذكره هناك.
وأما برِئت، بالكسر في الماضي، فجاء من هذا الباب، على مثال ضده، أو نظيره، وهو قولك: سقمت ومرضت؛ لأنه ضده، فجائز أن يكون نظيره في الوزن، كما/ كان