نظيره في التضاد؛ ولذلك غلطت العامة فقالت: جرعت وبلعت، بالفتح في الماضي، ونهكه المرض؛ لأنه لا يبعد في القياس انفتاح الماضي والمستقبل في ما كانت فيه حروف الحلق، وهو متعد أيضاً.
وأما ما ليس فيه حرف من الحلقية، فلا يجوز أن يفتح ماضيه ومستقبله، ولم يجئ ذلك، إلا حروف شاذة، كقولهم: أبى يأبى، ووذر يذر؛ كأنهما شبها بمنع ووردع.
وأما قوله: بريت القلم أبريه، فلم يجب أن يذكره في هذا الباب؛ لأنه من الباب الأول، وإنما أتى به مع بَرَأت؛ لتشابه اللفظين؛ بالباء والراء، وليست الهمزة من الياء في شيء.
وفي قوله: شملهم الأمر يشملهم، لغات؛ فمن العرب قوم يقولون: شمل بفتح الميم من الماضي، وضمها من المستقبل، على قياس الباب الأول؛ لأنه بمعنى عممت أعُم. ومنهم من يأخذ الماضي من هذا الباب، والمستقبل من الأول؛ فيقول: شمل بالكسر، ويشمل بالضم، وليس ذلك بقياس. واللغتان الأوليان أجود. وليس العامة في هذا بخطئين، وإن كانت إحدى هذه اللغات أكثر في كلامهم.
فهذا قياس أبنية الباب الثاني وأمثلته في النحو الذي يعرف به لحن العامة، وخطؤها في جميع ما لم يذكره ثعلب في هذا الباب.
* * *
فأما تفسير غريب هذا الباب: فإن القضم: أكل الشيء اليابس وكسره، ببعض الأضراس، نحو: البر، والشعير، والسكر، واللوز اليابس، والجوز، ونحو ذلك. وكذلك عض المكان الذي فيه العظم من الإنسان، يقال: أخذ يده فقضمها. وفي/ بعض الحديث: إن رجلاً عض يد رجل، فجذب المعضوض يده، فندرت ثنية العاض، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه؛ أهدر ثنية العاض، وقال: "أفيدع يده في فيه، حتى