للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء شيء من الصلابة، ولكنه على وصف الكمال. وقال "الخليل" أيضا: إذا أضفت الرجل أو المرأة أوغيرهما إلى الصدق المكسور، فإنما يريد به: نعم الشيء هو، كقولك: رجل صدق، وامرأة صدق، وثوب صدق. وإنما الصدق، بالفتح، من الصدق، بالكسر بعينه. والمعنى: أنه يصدق في نعته من صلابة أو قوة أو جودة أو لين، أو غير ذلك، ونظيره قول العرب: هذا تمر صادق الحلاوة، وخل صادق الحموضة، وليس الصدق من الحلاوة ولا الحموضة في شيء. ولكنها إذا تمت في الشيء فكأنها صادقة، وإنما الصدق واصفها بالكمال، وكذلك رجل صادق المودة، أي كامل المودة، ولذلك قيل: هو رجل صدق، وثوب صدق، وليس هناك صدق، وإنما يعني: نعم الرجل، ونعم الثوب، أي لا يكذب في فضله وكماله وجودته، ولكنه خالص صادق الفضل والجودة. وإنما جعل النعت للأشياء من هذا مفتوحا، فقيل: رمح صدق، وكسر المضاف ليه، فقيل: صدق، للفرق بينهما؛ ولأن الكذب ضد الصدق ويقال فيه: كذب بالكسر والسكون، /وليس يستعمل الصدق في كل شيء صلب، فيكون كما قال ثعلب، ولا يقال: حجر صدق ولا حديد صدق، ولا يقولون: صدق القناة كما يقولون: صلب القناة، ولو كان الصدق الصلب، كما ذكر، لقيل ذلك.

وأما قوله: خل سربه، بالفتح، وهو آمن في سربه، أي في نفسه؛ وليس معنى في سربه: في نفسه، ولا يقال: هو آمن في سربه، إلا لمن أمن في ماله وأهله وولده فأما من أمن في نفسه وحدها، وخيف على كل شيء له، فلا يقال له: هو آمن في سربه. وقد قال "الخليل": رأيت فلانا منساح السرب، كأنه يريد سعة الرزق والبلد. وربما قالوا: هو آمن السرب، يريدون القلب. وهذا يدل على أنه لا يسكن قلبه، إذا خاف على أهله أو ماله وولده، فهذا معنى قوله في نفسه. وإنما السرب ههنا ما للرجل من أهل ومال، ولذلك يسمى قطيع الإبل والظباء والنساء ونحوه: السرب، فكأن الأصل في

<<  <   >  >>