للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك أن يكون الراعي آمنا في سربه، أو الفحل آمنا في سربه، فاستعمل في ذلك الأشياء من غير الرعاة اتساعا، واستعارة لكل ما شبه به؛ ولهذا كسرت السين. وفي حديث النبي صلي الله عليه: "من أصبح آمنا في سربه، غاديا عليه قوت يومه، معافي في بدنه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذفيرها" فهذا الحديث يقوي ما شرحناه من معنى سربه. وقد روى هذا الحديث قوم بالفتح، فإن صحت لهم الرواية، فإنما معناه: المال خاصة؛ لأن "الخليل" قد ذكر أن السرب مال القوم. والجمع: السروب، على الفعول. والفعول يدل في الجمع على فتح السرب. وقال أيضا: فلان آمن السرب، أي: لا يغزى نعمه من عزه. وأما قوله: خل سربه، بالفتح؛ فإنما معناه: خل سبيله، أو طريقه أو ماله أو نحو ذلك؛/ وهو من قولهم: سرب الماء يسرب سربا وسروبا، إذا جرى.

وأما قوله: وجزع الوادي جانبه. وقال ابن الأعرابي: معظمه؛ يعني بكسر الجيم. والجزع: الخرز، يعني بالفتح؛ فإن كان أصل ذلك كله واحد، وهو: القطع، يقال: جزعت الوادي والقارة، إذا قطعتها عرضا وسلكتها. وإنما سمي منعطفه وجانبه جزعا؛ لأنه حيث ينقطع الوادي. والجمع: الأجزاع وهذا دليل على كسر أول الجزع، الواحد منه.

وأما الخرز، فليس كل الخرز يسمى جزعا. وإنما الجزع منها: المجزع، أي المقطع بالألوان المختلفة، وقد قطع سواده ببياضه، أو بنحو ذلك؛ ولذلك قيل: لحم مجزع، إذا كثر فيه الشحم؛ لأنه يقطع حمرة اللحم ببياضه. وفتح أول جزع الخرز؛ للفرق بينه وبين الأول، وهو جمع. وواحدته: جزعة؛ كأنها سميت بالمرة الواحدة من قولك: جزعته جزعة، قال الشاعر:

كأنها جزعة يمانية

وقال امرؤ القيس يشبه عيون الخيل المذبحة بالجزع:

<<  <   >  >>