لأنهما من قولك: دعوت أدعو، ولكن تكلم في النسب على مثال فعلة، بمعنى الهيئة والنوع، ولذلك كسرت، وفتحت الأخرى؛ لأنها سميت بالمرة الواحدة، من قولك: دعوت دعوة واحدة، وكل واحدة منهما يجوز فيها ما جاز في الأخرى، إذا أريد بها ذلك المعنى، غير أن الاستعمال جرى على ما ذكر؛ للفرق بينهما. ومنهم من يجعل بدل الواو في المكسورة ياء للفرق، ولاتباع الكسرة، فيقول: دعية، وذلك لمن انتسب إلى غير أبيه، وليست بالجيدة.
وأما قوله: والحمل: ما كان على الظهر، والحمل: حمل المرأة، وحمل النخلة، والشجرة، يفتح ويكسر، فإن أصلهما واحد. وإنما المفتوح مصدر سمي به على الاتساع والاستعارة وإرادة الفعل، ولو عني هذا المعنى فيما كان على [الظهر] أيضا، لجاز فتحه. والدليل على ذلك أنك إذا استعملت فعلهما حال المصدر منهما كليهما بالفتح تقول: حمل يحمل حملا، ولكن جرى الاستعمال في المحمول على الظهر ونحوه بإلزام اسمه الكسر، على معنى النوع/ والهيئة وللفرق بينه وبين غيره، فاعتيد ذلك؛ ولذلك سمي المال المحمول حملا، وجمع على: الحمول ولم يكسر، وليس ذلك من أجل الظهر والبطن، ألا ترى أن ثمرة النخلة والشجرة ظاهرة فوقهما، غير باطنة، وهي تسمى حملا بالكسر أيضا. وإنك تقول لمن يحمل على ظهره: إنه لقوي، على الحمل، وضعيف عن الحمل، فتفتح. وقد حكي "الخليل" أن قوما يقولون: ما كان مفارقا للشيء وهو حمل بالكسر، وما كان متصلا أو باطنا وهو حمل بالفتح، كحمل الإناث في بطونها أولادها.
وأما قوله: المسك: الجلد، والمسك: الطيب؛ فإن المسك بالفتح عربي محض، وجمعه: مسوك: وهو: الإهاب. ولكن أصله مأخوذ من مصدر غير مستعمل الفعل إلا أن منه الإمساك؛ وذلك أن الجلد هو الذي يمسك الجسد وجميع ما فيه. وقال "الخليل": يقال: سقاء مسيك، أي كثير الأخذ للماء. ويقال في فلان إمساك