وكذلك قوله: ورجل لُعَنة إذا كان يلعن الناس، ولعنة، إذا كان يُلعن. والذي يكثر اللعن مفتوح الثاني للمبالغة والذي يلعن الناس مسكن الثاني للفرق، وهو مثل اللعنة واللعبة. وكذلك قوله: ضُحْكة وضُحَكة، وهزْأة وهزَأة ونحو ذلك، يعني الذي يهزأ بالناس، ويهزأ به الناس. والمثالان على ما شرحنا. واللعن: الشتم والذم والإبعاد. وكانت تحية الملك في الجاهلية:"أبيت اللعن" أي: لا أتيت ما تلعن عليه، أي يدعى عليك وتذم به. ومنه: الملاعنة واللعان بين الزوجين والرجل اللعين: الملعون. وكان يعد في الجاهلية الرجل اللعين بمثال من طين ويركب على فرس من طين، وينصب في ناحية عن الطريق للناس يلعنونه؛/ ولذلك قال الشماخ:
وماء قد وردت لوصل أروى عليه الطين كالورق اللجين
ذكرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين
وتفسير هذا على وجوه.
وأما قوله: ومنه تقول: عصفور وثؤلول. وجمعه: ثآليل. وبهلول وزنبور وكل اسم على فُعلول، فهو مضموم الأول؛ فإن العامة تفتح أوائل هذا الضرب وهو خطأ؛ لأنه ليس في كلام العرب فعلول، بفتح الفاء في شيء من الأشياء، إلا كلمة واحدة أعجمية معربة، وهي:"صعفوق" وكذلك ما ألحق بفعلول مثل فنعول وأفعول، فهو كله مضموم الأول، ولا يجوز فيه الفتح؛ فعصفور وثؤلول وبهلول على مثال فعلول، ومثلها زنبور، وليست النون فيه زائدة للإلحاق. والعصفور من الطير معروف، وهو: الذي يأوي الدور ويفرخ فيها، وهو مأخوذ من العصفر، والواو فيه زائدة، وجثة خلقته أشبه شيء بحمل العصفر في منبته. والعصفور أيضا من الدابة: الشمراخ السائل من غرة الفرص، لا يبلغ