موضع الإقامة هكذا قاله "الخليل بن أحمد"، وأنشد فيه لسلامة بن جندل:
يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب
والإقامة مصدر قولك: أقمت إقامة. وكل فعل على أفعل؛ فإن مصدره يكون على إفعال، وعلى مفعل مضمومة الميم بغير تأنيث. ويكون اسم الزمان والمكان منه كذلك. ويجوز أن تأتي علامة التأنيث فيه للمبالغة، فيقال فيه: مفعلة وربما جاءت فيما اعتلت عينه عوضا عن ألف إفعال، فلذلك قيل: المقامة. ومن ذلك قول الله عز ذكره:(الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ) يريد دار المقام، ودار الإقامة، فدخلت الهاء فيه، كما دخلت في الإقامة، وترك الهاء في مفعل أكثر في الكلام، ولكن الميم مضمومة فيه، فإذا كان الفعل بغير ألف فمصدره على مفعل، بفتح الميم كقولك: قام مقاما، وإن شئت أدخلت الهاء للمبالغة، فقلت: مقامة. وكذلك اسم المكان والزمان منه: المقام وإن شئت ألحقت علم التأنيث. ومنه قول الله تعالى:(عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا)، فهذا يحتمل/ أن يكون معناه المصدر، كأنه قال: عسى أن يبعثك بعثا محمودا، أي يبعثك من القبر. ويجوز أن يكون اسما للمكان. وقال "الخليل": المقام: موضع القدمين من القائم، ولذلك قيل: مقام إبراهيم، موضع قدميه. فأما الجماعة من الناء، فلا تكون المقامة اسما لها، على ما ذكر ثعلب وإنما يسمى بها الجماعة التي تقوم في المقامات والخطب خاصة وتتكلم، فيقال لها؛ على التوسع والمجاز: مقامة، كما قال الله تعالى:(واسْأَلِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا والْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا) كما قيل اجتمعت اليمامة، ومن ذلك قول زهير:
وفيهم مقامات حسان وجوهها وأندية ينتابها القول والفعل