يعلمنا خطبة النكاح والحاجة" بضم الخاء؛ فهو اسم لما يخطب به في كل شيء، كما قلنا. إن الخطابة: اسم لصناعة الخطباء. ولو استعمل مصدر فعله على قياس العربية لخرج ما لا يتعدى فعله على فعول، كقولك: خطب خطوبا، ولكان مصدر المتعدي منه على الفعل كقولك: خطبت المرأة خطبا، ولكن ترك استعمال ذلك؛ لئلا يلتبس بغيره، ووضع موضعه ما يغني عنه، ولا يلتبس بشيء. والعامة تقول في الوجهين: الخطبة بالضم، وليس بخطأ؛ لأن المضموم اسم لكل ما يخطب به وإن كان المكسور للنكاح خاصة، ولولا طلب الفرق لمخالفة الحركات، لكان الكسر يجوز في كل ذلك، بمعنى الهيئة والنوع، والضم فيها لغير ذلك، على ما قدمنا شرحه.
وأما قوله: بعير ذو رحلة، إذا كان قويا على السفر، والرحلة: الارتحال؛ فإن الرُحلة بالضم، هي: القوة على الرحيل، فجعلت على بنائها، وكان يجب أن يذكر هذا مع باب فعلة/ في موضعها. وأما الرحلة، بالكسر، فاسم الهيئة والنوع من الرحيل، وهو المسير على ما قدمنا شرحه: كالركبة والجلسة. وجمعها: الرحل. والعامة تكسر كل ذلك؛ فلذلك ذكرهما، وهما جميعا مأخوذان من الرحل، وهو: أداة البعير، التي يركب فوقها الراكب في السفر، وهي خشب. وشبه ذلك برحل الرجل، وهو: منزله وخيمته في السفر وغيره. وإذا وضع ذلك على البعير قيل: رحلته، وأنا أرحله. ويقال للذي تركبه المرأة: الرحالة. ويقال للمسافر إذا خرج من بيته ومضى: قد رحل وهو يرحل. أي سار في رحلته وقد ارتحل ارتحالا والرحيل مصدر قولك رحل يرحل. والرحال: الكثير الرحلة. وكل منزل ينزله الرجل يسمى: مرحلة. وجمعها: المراحل. والمرحل من البرود والوشى: ما عمل فيه صور الرحالة. وقد ترحل القوم وارتحلوا، وهم مرتحلون في غد، ونحو ذلك، أي ظاعنون.