مرفوع بالابتداء، وخبره قولك: ما أهمك وأهمك فعل ماض وهو صلة لما، ومعنى ما: معنى الذي كأنه قال همك الذي أهمك والذي أهمك، هو الذي عناك من الأمر، تقول: عناني الشيء يعنيني، وأهمني يهمني، وهو لي مهم، أي: محزن.
وأما قوله: همني؛ أذابني فهو فعل ماض من قولك: هممت الألية والشحم، أي أذبتها، فانهمت هي، أي: ذابت، ومنه قول الراجز:
وانهم هاموم السديف الواري
والهاموم: ما انهم من الشحم الكثير الدسم.
وأما قوله:"تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"؛ فإن العامة تقول: يسمع بالمعيدي خير من أن تراه، ومعناه صحيح، ولكن ليس هذا اللفظ بالمثل المضروب. إنما هو رجل من معد نسب إليهم بالياء، وصغر فقيل: المعيدي. والأصل فيه تشديد الدال؛ لأنه في تقدير المعيدي، فكره إظهار التضعيف فأدغم الدال الأولى في الثانية، ثم استثقل تشديد الدال وتشديدها الياء بعدها، فخففت الدال فقيل: المعيدي، وبقيت الياء / مشددة. وأصل هذا المثل للنعمان بن المنذر وكان وصف له رجل ببأس ونجدة. وعارضة وغير ذلك، ثم رآه فوجده قصيرا حقيرا، فازدراه فقال:"تسمع بالمعيدي لا أن تراه" يعني: السماع بالمعيدي غير رؤيته، أي مخبره أكبر من منظره، كما يقال: ليس الخبر كالمعاينة، فقوله: أن والفعل مصدر، وهما في موضع رفع بخبر المبتدأ فجرى هذاا لكلام مثلا، فقيل:"تسمع بالمعيدي خير من أن تراه". ويقال: إن هذا الرجل، ضمرة بن ضمرة.