وهبت شمالاً آخر الليل قرة ولا ثوب إلا درعها وردائيا
فإن قيل: أشملت وأجنبت، على هذا المعنى، وأضمر للفعل فاعل جاز.
وأما قوله: خسأت الكلب؛ فمعناه: طردته، وأبعدته، وأفردته، وذلك أن يقول له: اخسأ، أي ابعد؛ لأنه يقال: قد خسأ الكلب نفسه، غير متعد. وإنما كان الأصل في ذلك أن يقال: خسأت بالكلب، فيعدى بالباء، أو يقال: أخسأته، فيعدى بالهمزة. فحذف ذلك اختصاراً أو تخفيفاً؛ لكثرة استعماله، وزوال اللبس عنه، بمعرفة معناه, وأنه بمنزلة طردته. أو يقال: خسأته فخسئ، أو فانخسأ؛ لأنه بمعنى الانفعال والمطاوعة، وهو نظير قولك: أبعدته فبعد، وزجرته فانزجر. وأصله ألا يتعدى، كما قال الله عز وجل:(قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا ولا تُكَلِّمُونِ) وقال تعالى: (كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) وقال [تعالى]: (يَنقَلِبْ إلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا وهُوَ حَسِيرٌ). وقد مضى هذا الضرب بشرحه.
وأما قوله: فلج الرجل/ على خصمه، فمعناه: ظهر عليه بالحجة، فهو يفلج فلجاً، بضم الفاء، وتسكين اللام. ويقال أيضاً: فلجا، بفتح الفاء واللام جميعاً، وكلاهما اسم موضوع موضع المصدر. وإنما المصدر في مثل هذا الفعل: الفلج، بفتح الفاء وسكون اللام، أو الفلوج، على فعول، مثل: الدخول والخروج، ولكن لما كان بمعنى النُّجح، والظفر استعمل على وزنهما، وهو فعل لا يتعدى إلا بحرف الجر، فإن جعلتَ فاعله مفعولاً، نقلت الفعل إليه بالهمزة فقلت: أفلجته على خصمه إفلاجاً، أو فلجت به فلجاً، فعديته بالباء.