للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الدبور: فالتي تهب من دبر الكعبة، مقابلة للصبا، وفيها خشونة وشدة، وهي تمحو السحاب، وتثير العجاج. وقد أكثر الشعراء ذكر هذه الأرواح؛ فقال امرؤ القيس:

فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجتها من جنوب وشمأل

وقال الأعشى:

دمنة قفرة تعاورها الصيـ ـف بريحين من صبا وشمال

وقال امرؤ القيس:

نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

وقال رسول الله صلى الله عليه: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور".

وإنما ذكر ثعلب ذلك؛ لأن العامة تقول كل هذا بألف، فتقول: أشملت وأجنبت والعرب لا تقول ذلك؛ لأنها تريد أن الريح هبت من ناحية الشمال، وناحية الجنوب وناحية القبل وناحية الدبر، كما تقول: رأست فلاناً، وظهرته، وبطنته، إذا أصبت رأسه أوظهره أو بطنه. ولا يجوز إدخال الألف في شيء من هذه الأربع، إلا أن يجعل الفعل لله عز وجل، أو لشيء غير الريح، تجعل الرياح/مفعولة، فيقال: أشمل الله الريح، وأجنبها، وأصباها، وأدبرها بالألف لا غير.

والعرب تقول: هبت شمالاً، وهبت جنوباً، تريد: هبت الريح شمالاً، وهبت الريح جنوباً. وتقوله بالرفع أيضاً: هبت شمال، وهبت جنوب؛ إذا جعلت الفعل للشمال وللجنوب، ولم تجعله للريح، وقال جرير:

هبت جنوباً لذكرى ما ذكرتكم عند الصفاة التي شرقي حوارنا

<<  <   >  >>